والأرض قال بعضهم نحن معترفون بأن خالق السموات والأرض واحد هو إله السموات وهذه الأصنام صور الكواكب منها نصرتنا وقوتنا وقال آخرون هذه صور الملائكة عند الله هم شفعاؤنا فقال الله تعالى لا إله غير الله ولا نصرة من غير الله ولا شفاعة إلا بإذن الله فعبادتكم لهم لهذه الأصنام باطلة ضائعة لا هم خالقوكم ولا ناصروكم ولا شفعاؤكم ثم قال تعالى أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ ما علمتموه من أنه خالق السموات والأرض وخلق هذه الأجسام العظام لا يقدر عليه مثل هذه الأصنام حتى تنصركم والملك العظيم لا يكون عنده لهذه الأشياء الحقيرة احترام وعظمة حتى تكون لها شفاعة
يُدَبِّرُ الاٌّ مْرَ مِنَ السَّمَآءِ إِلَى الأرض ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَة ٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ ذالِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَة ِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ الَّذِى أَحْسَنَ كُلَّ شَى ْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِن طِينٍ
لما بين الله تعالى الخلق بين الأمر كما قال تعالى أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالاْمْرُ ( الأعراف ٥٤ ) والعظمة تتبين بهما فإن من يملك مماليك كثيرين عظماء تكون له عظمة ثم إذا كان أمره نافذاً فيهم يزداد في أعين الخلق وإن لم يكن له نفاذ أمر ينقص من عظمته وقوله تعالى ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ معناه والله أعلم أن أمره ينزل من السماء على عباده وتعرج إليه أعمالهم الصالحة الصادرة على موافقة ذلك الأمر فإن العمل أثر الأمر وقوله تعالى فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَة ٍ مّمَّا تَعُدُّونَ فيه وجوه أحدها أن نزول الأمر وعروج العمل في مسافة ألف سنة مما تعدون وهو في يوم فإن بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة سنة فينزل في مسيرة خمسمائة سنة ويعرج في مسيرة خمسمائة سنة فهو مقدار ألف سنة ثانيها هو أن ذلك إشارة إلى امتداد نفاذ الأمر وذلك لأن من نفذ أمره غاية النفاذ في يوم أو يومين وانقطع لا يكون مثل من ينفذ أمره في سنين متطاولة فقوله تعالى فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَة ٍ يعني يُدَبّرُ الاْمْرَ في زمان يوم منه ألف سنة فكم يكون شهر منه وكم تكون سنة منه وكم يكون دهر منه وعلى هذا الوجه لا فرق بين هذا وبين قوله مقداره خمسين ألف سنة لأن تلك إذا كانت إشارة إلى دوام نفاذ الأمر فسواء يعبر بالألف أو بالخمسين ألفاً لا يتفاوت إلا أن المبالغة تكون في الخمسين أكثر وتبين فائدتها في موضعها إن شاء الله تعالى ( وفي هذه لطيفة ) وهو أن الله ذكر في الآية المتقدمة عالم الأجسام والخلق وأشار إلى عظمة الملك وذكر في هذه الآية عالم الأرواح والأمر بقوله يُدَبّرُ الاْمْرَ والروح من عالم الأمر كما قال تعالى وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبّى ( الإسراء ١٥ ) وأشار إلى دوامه بلفظ يوهم الزمان والمراد دوام البقاء كما يقال في العرف طال زمان فلان والزمان لا يطول وإنما الواقع في الزمان يمتد فيوجد في أزمنة كثيرة فيطول ذلك فيأخذ أزمنة كثيرة فأشار هناك إلى عظمة الملك بالمكان وأشار إلى دوامه ههنا بالزمان فالمكان من خلقه وملكه والزمان بحكمه وأمره واعلم أن ظاهر قوله يُدَبّرُ الاْمْرَ في يوم يقتضي أن يكون أمره في يوم واليوم له ابتداء وانتهاء فيكون أمره في زمان حادث فيكون حادثاً وبعض من يقول بأن الله على العرش استوى يقول


الصفحة التالية
Icon