المسألة الثالثة من المفسرين من قال بأن الآية ليس فيها تحريم غيرهن ولا المنع من طلاقهن بل المعنى أن لا يحل لك النساء غير اللاتي ذكرنا لك من المؤمنات المهاجرات من بنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك وأما غيرهن من الكتابيات فلا يحل لك التزوج بهن وقوله وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ منع من شغل الجاهلية فإنهم كانوا يبادلون زوجة بزوجة فينزل أحدهم عن زوجته وبأخذ زوجة صديقه ويعطيه زوجته وعلى التفسيرين وقع خلاف في مسألتين إحداهما حرمة طلاق زوجاته والثانية حرمة تزوجه بالكتابيات فمن فسر على الأول حرم الطلاق ومن فسر على الثاني حرم التزوج بالكتابيات
المسألة الرابعة قوله وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ أي حسن النساء قال الزمخشري قوله وَلَوْ أَعْجَبَكَ في معنى الحال ولا يجوز أن يكون ذو الحال قوله مِنْ أَزْوَاجٍ لغاية التنكير فيه ولكون ذي الحال لا يحسن أن يكون نكرة فإذن هو النبي عليه السلام يعني لا يحل لك النساء ولا أن تبدل بهن من أزواج وأنت معجب بحسنهن
المسألة الخامسة ظاهر هذا ناسخ لما كان قد ثبت له عليه السلام من أنه إذا رأى واحدة فوقعت في قلبه موقعاً كانت تحرم على الزوج ويجب عليه طلاقها وهذه المسألة حكمية وهي أن النبي عليه السلام وسائر الأنبياء في أول النبوة تشتد عليهم برحاء الوحي ثم يستأنسون به فينزل عليهم وهم يتحدثون مع أصحابهم لا يمنعهم من ذلك مانع ففي أول الأمر أحل الله من وقع في قلبه تفريغاً لقلبه وتوسيعاً لصدره لئلا يكون مشغول القلب بغير الله ثم لما استأنس بالوحي وبمن على لسانه الوحي نسخ ذلك إما لقوته عليه السلام للجمع بين الأمرين وإما أنه بدوام الإنزال لم يبق له مألوف من أمور الدنيا فلم يبق له التفات إلى غير الله فلم يبق له حاجة إلى إحلال التزوج بمن وقع بصره عليها
المسألة السادسة اختلف العلماء في أن تحريم النساء عليه هل نسخ أم لا فقال الشافعي نسخ وقد قالت عائشة ما مات النبي إلا وأحل له النساء وعلى هذا فالناسخ قوله تعالى جَمِيلاً ياأَيُّهَا النَّبِى ُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْواجَكَ ( الأحزاب ٥٠ ) إلى أن قال وَبَنَاتِ عَمّكَ وقال وَامْرَأَة ً مُّؤْمِنَة ً على قول من يقول لا يجوز نسخ الكتاب بخبر الواحد إذ الناسخ غير متواتر إن كان خبراً
ثم قال تعالى إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ لم يحرم عليه المملوكات لأن الإيذاء لا يحصل بالمملوكة ولهذا لم يجز للرجل أن يجمع بين ضرتين في بيت لحصول التسوية بينهما وإمكان المخاصمة ويجوز أن يجمع الزوجة وجمعاً من المملوكات لعدم التساوي بينهن ولهذا لا قسم لهن على أحد
ثم قال تعالى وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلّ شَى ْء رَّقِيباً أي حافظاً عالماً بكل شيء قادراً عليه لأن الحفظ لا يحصل إلا بهما
ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النَّبِى ِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُواْ فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُواْ وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِى النَّبِى ِّ فَيَسْتَحْيِى مِنكُمْ وَاللَّهُ لاَ يَسْتَحْى ِ مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْألُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ ذالِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذالِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً


الصفحة التالية
Icon