إلى الحق والضلال خلافه لكن المستقيم واحد وما هو غيره كله ضلال وبعضه بين من بعض فميز البعض عن البعض بالوصف
المسألة الرابعة قدم الهدى على الضلال لأنه كان وصف المؤمنين المذكورين بقوله أَنَاْ وهو مقدم في الذكر
قُل لاَّ تُسْألُونَ عَمَّآ أَجْرَمْنَا وَلاَ نُسْألُ عَمَّا تَعْمَلُونَ
ثم قال تعالى قُل لاَّ تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلاَ نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ أضاف الإجرام إلى النفس وقال في حقهم وَلاَ نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ ذكر بلفظ العمل لئلا يحصل الإغضاب المانع من الفهم وقوله لاَّ تُسْئَلُونَ وَلاَ نُسْئَلُ زيادة حث على النظر وذلك لأن كل أحد إذا كان مؤاخذاً بجرمه فإذا احترز نجا ولو كان البريء يؤاخذ بالجرم لما كفى النظر
قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ
ثم قال تعالى قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ أكد ما يوجب النظر والتفكر فإن مجرد الخطأ والضلال واجب الاجتناب فكيف إذا كان يوم عرض وحساب وثواب وعذاب وقوله يَفْتَحِ قيل معناه يحكم ويمكن أن يقال بأن الفتح ههنا مجاز وذلك لأن الباب المغلق والمنفذ المسدود يقال فيه فتحه على طريق الحقيقة ثم إن الأمر إذا كان فيه انغلاف وعدم وصول إليه فإذا بينه أحد يكون قد فتحه وقوله وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ إشارة إلى أن حكمه يكون مع العلم لا مثل حكم من يحكم بما يتفق له بمجرد هواه
قُلْ أَرُونِى َ الَّذيِنَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَآءَ كَلاَّ بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحْكِيمُ
ثم قال تعالى قُلْ أَرُونِى َ الَّذيِنَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاء كَلاَّ بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحْكِيمُ قد ذكرنا أن المعبود قد يعبده قوم لدفع الضرر وجمع لتوقع المنفعة وقليل من الأشراف الأعزة يعبدونه لأنه يستحق العبادة لذاته فلما بين أنه لا يعد غير الله لدفع الضرر إذ لا دافع للضرر غيره بقوله قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مّن دُونِ اللَّهِ وبين أنه لا يعبد غير الله لتوقع المنفعة بقوله قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مّنَ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ بين ههنا أنه لا يعبد أحد لاستحقاقه العبادة غير الله فقال قُلْ أَرُونِى َ الَّذيِنَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاء كَلاَّ بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحْكِيمُ أي هو المعبود لذاته واتصافه بالعزة وهي القدرة الكاملة والحكمة وهي العلم التام الذي عمله موافق له


الصفحة التالية
Icon