معبودين لهم ولا لنفع أو ضر كما قال تعالى فَالْيَوْمَ لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً وَلاَ ضَرّاً ( سبأ ٤٢ ) ثم مع هذا كله إذا قال لهم النبي عليه السلام كلاماً من التوحيد وتلا عليهم آيات الله الدالة عليه فإن لله في كل شيء آيات دالة على وحدانيته أنكروها وقالوا ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم يعني يعارضون البرهان بالتقليد وَقَالُواْ مَا هَاذَا إِلاَّ إِفْكٌ مُّفْتَرًى وهو يحتمل وجوهاً أحدها أن يكون المراد أن القول بالوحدانية إِفْكٌ مُّفْتَرًى ويدل عليه هو أن الموحد كان يقول في حق المشرك إنه يأفك كما قال تعالى في حقهم أَءفْكاً ءالِهَة ً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ ( الصافات ٨٦ ) وكما قالوا هم للرسول قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ ( الأحقاف ٢٢ ) وثانيها أن يكون المراد مَا هَاذَا إِلاَّ إِفْكٌ ( الفرقان ٤ ) أي القرآن إفك وعلى الأول يكون قوله وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقّ لَمَّا جَاءهُمْ إِنْ هَاذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ( الأحقاف ٧ ) إشارة إلى القرآن وعلى الثاني يكون إشارة إلى ما أتى به من المعجزات وعلى الوجهين فقوله تعالى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بدلاً عن أن يقول وقالوا للحق هو أن إنكار التوحيد كان مختصاً بالمشركين وأما إنكار القرآن والمعجزات ( فقد ) كان متفقاً عليه بين المشركين وأهل الكتاب ( فقال ) تعالى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقّ على وجه العموم
وَمَآ ءَاتَيْنَاهُمْ مِّنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَآ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِّن نَّذِيرٍ وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ وَمَا بَلَغُواْ مِعْشَارَ مَآ ءَاتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُواْ رُسُلِى فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ
وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير تأكيد لبيان تقليدهم يعني يقولون عندما تتلى عليهم الآيات البينات هذا رجل كاذب وقولهم إِفْكٌ مُّفْتَرًى من غير برهان ولا كتاب أنزل عليهم ولا رسول أرسل إليهم فالآيات البينات لا تعارض إلا بالبراهين العقلية ولم يأتوا بها أو بالتقلبات وما عندهم كتاب ولا رسول غيرك والنقل المعتبر آيات من كتاب الله أو خبر رسول الله ثم بين أنهم كالذين من قبلهم كذبوا مثل عاد وثمود وقوله تعالى وَمَا بَلَغُواْ مِعْشَارَ مَا ءاتَيْنَاهُمْ قال المفسرون معناه وما بلغ هؤلاء المشركون معشار ما آتينا المتقدمين من القوة والنعمة وطول العمر ثم إن الله أخذهم وما نفعتهم قوتهم فكيف حال هؤلاء الضعفاء وعندي ( أنه ) يحتمل ذلك وجهاً آخر وهو أن يقال المراد وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ وَمَا بَلَغُواْ مِعْشَارَ مَا ءاتَيْنَاهُمْ أي الذين من قبلهم ما بلغوا معشار ما آتينا قوم محمد من البيان والبرهان وذلك لأن كتاب محمد عليه السلام أكمل من سائر الكتب وأوضح ومحمد عليه السلام أفضل من جميع الرسل وأفصح وبرهانه أوفى وبيانه أشفى ثم إن المتقدمين لما كذبوا بما جاءهم من الكتب وبمن أتاهم من الرسل أنكر عليهم وكيف لا ينكر عليهم وقد كذبوا بما جاءهم من الكتب وبمن أتاهم من الرسل أنكر عليهم وكيف لا ينكر عليهم وقد كذبوا بأفصح الرسل وأوضح السبل يؤيد ما ذكرنا من المعنى قوله تعالى وَمَا ءاتَيْنَاهُمْ مّنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا يعني غير القرآن ما آتيناهم كتاباً وما أرسنا إليهم قبلك من نذير فلما كان


الصفحة التالية
Icon