في ألسنة جميع العالمين لأجل أنه كان محسناً ثم علل كونه محسناً بأنه كان عبداً لله مؤمناً والمقصود منه بيان أن أعظم الدرجات وأشرف المقامات الإيمان بالله والانقياد لطاعته
وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ إِذْ جَآءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ إِذْ قَالَ لاًّبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ أَءِفْكاً ءَالِهَة ً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ فَنَظَرَ نَظْرَة ً فِى النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّى سَقِيمٌ فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ فَرَاغَ إِلَى ءَالِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ مَا لَكُمْ لاَ تَنطِقُونَ فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ
في الآية مسائل
المسألة الأولى الضمير في قوله من شيعته إلى ماذا يعود فيه قولان الأول وهو الأظهر أنه عائد إلى نوح عليه السلام أي من شيعة نوح أي من أهل بيته وعلى دينه ومنهاجه لإبراهيم قالوا وما كان بين نوح وإبراهيم إلا نبيان هود وصالح وروى صاحب ( الكشاف ) أنه كان بين نوح وإبراهيم ألفان وستمائة وأربعون سنة الثاني قال الكلبي المراد من شيعة محمد لإبراهيم بمعنى أنه كان على دينه ومنهاجه فهو من شيعته وإن كان سابقاً له والأول أظهر لأنه تقدم ذكر نوح عليه السلام ولم يتقدم ذكر النبي ( ﷺ ) فعود الضمير إلى نوح أولى
المسألة الثانية العامل في إِذْ ما دل عليه قوله وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ من معنى المشايعة يعني وإن ممن شايعه على دينه وتقواه حين جاء ربه بقلب سليم لإبراهيم
أما قوله إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ففيه مسائل
المسألة الأولى في قوله بِقَلْبٍ سَلِيمٍ قولان الأول قال مقاتل والكلبي يعني خالص من الشرك والمعنى أنه سلم من الشرك فلم يشرك بالله والثاني قال الأصوليون المراد أنه عاش ومات على طهارة القلب من كل دنس من المعاصي فيدخل فيه كونه سليماً عن الشرك وعن الشك وعن الغل والغش والحقد والحسد عن ابن عباس أنه كان يحب للناس ما يحب لنفسه وسلم جميع الناس من غشه وظلمه وأسلمه الله تعالى فلم يعدل به أحداً واحتج الذاهبون إلى القول الأول بأنه تعالى ذكر بعد هذه الكلمة إنكاره على قومه الشرك بالله وهو قوله إِذْ قَالَ لاِبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ واحتج الذاهبون إلى القول الثاني بأن اللفظ مطلق فلا يقيد بصقة دون صفة ويتأكد هذا بقوله تعالى وَلَقَدْ ءاتَيْنَا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ


الصفحة التالية
Icon