وغير حيوان وغير الحيوان إما نبات وإما معدن والنبات أشرف وأشار إليه بقوله فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ ثم ذكر المعدن بقوله وَمِنَ الْجِبَالِ ثم ذكر الحيوان وبدأ بالأشرف منها وهو الإنسان فقال وَمِنَ النَّاسِ ثم ذكر الدواب لأن منافعها في حياتها والأنعام منفعتها في الأكل منها أو لأن الدابة في العرف تطلق على الفرس وهو بعد الإنسان أشرف من غيره وقوله مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فذكر لكون الإنسان من جملة المذكورين وكون التذكير أعلى وأولى
الخشية بقدر معرفة المخشي والعالم يعرف الله فيخافه ويرجوه وهذا دليل على أن العالم أعلى درجة من العابد لأن الله تعالى قال إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ فبين أن الكرامة بقدر التقوى والتقوى بقدر العلم فالكرامة بقدر العلم لا بقدر العمل نعم العالم إذا ترك العمل قدح ذلك في علمه فإن من يراه يقول لو علم لعمل ثم قال تعالى إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ذكر ما يوجب الخوف والرجاء فكونه عزيزاً ذا انتقام يوجب الخوف التام وكونه غفوراً لما دون ذلك يوجب الرجاء البالغ وقراءة من قرأ بنصب العلماء ورفع الله معناها إنما يعظم ويبجل
إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُواْ الصَّلَواة َ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَة ً يَرْجُونَ تِجَارَة ً لَّن تَبُورَ
ثم قال تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ
لما بين العلماء بالله وخشيتهم وكرامتهم بسبب خشيتهم ذكر العالمين بكتابا الله العاملين بما فيه وقوله يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ إشارة إلى الذكر
وقوله تعالى وَالَّذِينَ يُمَسّكُونَ إشارة إلى العمل البدني
وقوله وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ إشارة إلى العمل المالي وفي الآيتين حكمة بالغة فقوله إنما يغشى الله إشارة إلى عمل القلب وقوله إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ إشارة إلى عمل اللسان وقوله وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبّهِمْ إشارة إلى عمل الجوارح ثم إن هذه الأشياء الثلاثة متعلقة بجانب تعظيم الله والشفقة على خلقه لأنا بينا أن من يعظم ملكاً إذا رأى عبداً من عباده في حاجة يلزمه قضاء حاجته وإن تهاون فيه يخل بالتعظيم وإلى هذا أشار بقوله عبدي مرضت فما عدتني فيقول العبد كيف تمرض وأنت رب


الصفحة التالية
Icon