يحصل من تلك الماهية إلا الشخص الواحد وإن لم يكن ذلك التعيين من لوازم تلك الماهية كان ذلك التعيين معلوماً بسبب منفصل فلا يكون إلهاً واجب الوجود لذاته فثبت أن كونه إلهاً واجب الوجود لذاته يوجب كونه واحداً في حقيقته وكونه واحداً في حقيقته يمنع من ثبوت الولد له فثبت أن كونه واحداً يمنع من ثبوت الولد الثالث أن الولد لا يحصل إلا من الزوج والزوجة والزوجان لا بد وأن يكونا من جنس واحد فلو كان له ولد لما كان واحداً بل كانت زوجته من جنسه وأما أن كونه قهاراً يمنع من ثبوت الولد له فلأن المحتاج إلى الولد هو الذي يموت فيحتاج إلى ولد يقوم مقامه فالمحتاج إلى الولد هو الذي يكون مقهوراً بالموت أما الذي يكون قاهراً ولا يقهره غيره كان الولد في حقه محالاً فثبت أن قوله هُوَ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ ألفاظ مشتملة على دلائل قاطعة في نفي الولد عن الله تعالى
خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والأرض بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ الَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى الَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِى لاًّجَلٍ مُّسَمًّى أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَة ٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ الاٌّ نْعَامِ ثَمَانِيَة َ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِى بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِى ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إله إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِى ٌّ عَنكُمْ وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ لَكُمْ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَة ٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ
اعلم أن الآية المتقدمة دلت على أنه تعالى بين كونه منزهاً عن الولد بكونه إلهاً واحداً وقهاراً غالباً أي كامل القدرة فلما بني تلك المسألة على هذه الأصول ذكر عقيبها ما يدل على كمال القدرة وعلى كمال الاستغناء وأياً فإنه تعالى طعن في إليهة الأصنام فذكر عقيبها الصفات التي باعتبارها تحصل الإلهية واعلم أنا بينا في مواضع من هذا الكتاب أن الدلائل التي ذكرها الله تعالى في إثبات إليهته إما أن تكون فلكية أو عنصرية أما الفلكية فأقسام أحدها خلق السموات والأرض وهذا المعنى يدل على وجود الإله القادر من وجوه كثيرة شرحناها في تفسير قوله تعالى الْحَمْدُ اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ ( الأنعام ١ )


الصفحة التالية
Icon