وضعها ظالم والكتب المضلة وآلات الملاهي وأدوات المناهي المعمولة الباقية وهو في معنى قوله ( ﷺ ) ( من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجر العامل شيء ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها ) فما قدموا هو أفعالهم وآثارهم أفعال الشاكرين فبشرهم حيث يؤاخذون بها ويؤجرون عليها والثالث ما ذكرنا أن الآثار الأعمال وما قدموا النيات فإن النية قبل العمل
المسألة الخامسة الكتابة قبل الإحياء فكيف أخر في الذكر حيق قال نحيي ونكتب ولم يقل نكتب ما قدموا ونحييهم نقول الكتابة معظمة لأمر الإحياء لأن الإحياء إن لم يكن للحساب لا يعظم والكتابة في نفسها إن لم تكن إحياء وإعادة لا يبقى لها أثر أصلاً فالإحياء هو المعتبر والكتابة مؤكدة معظمة لأمره فلهذا قدم الإحياء ولأنه تعالى لما قال إِنَّا نَحْنُ وذلك يفيد العظمة والجبروت والإحياء عظيم يختص بالله والكتابة دونه فقرن بالتعريف الأمر العظيم وذكر ما يعظم ذلك العظيم وقوله وَكُلَّ شى ْء أَحْصَيْنَاهُ فِى إِمَامٍ مُّبِينٍ يحتمل وجوهاً أحدها أن يكون ذلك بياناً لكون ما قدموا وآثارهم أمراً مكتوباً عليهم لا يبدل فإن القلم جف بما هو كائن فلما قال وَنَكْتُبُ مَاَ قَدَّمُواْ بين أن قبل ذلك كتابة أخرى فإن الله كتب عليهم أنهم سيفعلون كذا وكذا ثم إذا فعلوه كتب عليهم أنهم فعلوه وثانيها أن يكون ذلك مؤكداً لمعنى قوله وَنَكْتُبُ لأن من يكتب شيئاً في أوراق ويرميها قد لا يجدها فكأنه لم يكتب فقال نكتب ونحفظ ذلك في إمام مبين وهذا كقوله تعالى عِلْمُهَا عِندَ رَبّى فِى كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبّى وَلاَ يَنسَى وثالثها أن يكون ذلك تعميماً بعد التخصيص كأنه تعالى يكتب ما قدموا وآثارهم وليست الكتابة مقتصرة عليه بل كل شيء محصي في إمام مبين وهذا يفيد أن شيئاً من الأقوال والأفعال لا يعزب عن علم الله ولا يفوته وهذا كقوله تعالى وَكُلُّ شَى ْء فَعَلُوهُ فِى الزُّبُرِ وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ يعني ليس ما في الزبر منحصراً فيما فعلوه بل كل شيء فعلوه مكتوب وقوله أَحْصَيْنَاهُ أبلغ من كتبناه لأن من كتب شيئاً مفرقاً يحتاج إلى جمع عدده فقال هو محصي فيه وسمي الكتاب إماماً لأن الملائكة يتبعونه فما كتب فيه من أجل ورزق وإحياء وإماتة اتبعوه وقيل هو اللوح المحفوظ وإمام جاء جمعاً في قوله تعالى يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ أي بأئمتهم وحينئذٍ فإمام إذا كان فرداً فهو ككتاب وحجاب وإذا كان جمعاً فهو كجبال وحبال والمبين هو المظهر للأمور لكونه مظهراً للملائكة ما يفعلون وللناس ما يفعل بهم وهو الفارق يفرق بين أحوال الخلق فيجعل فريقاً في الجنة وفريقاً في السعير
وَاضْرِبْ لَهُمْ مَّثَلاً أَصْحَابَ القَرْيَة ِ إِذْ جَآءَهَا الْمُرْسَلُونَ
ثم قال تعالى وَاضْرِبْ لَهُمْ مَّثَلاً أَصْحَابَ القَرْيَة ِ إِذَا جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ
وفيه وجهان والترتيب ظاهر على الوجهين الوجه الأول هو أن يكون المعنى واضرب لأجلهم مثلاً والثاني أن يكون المعنى واضرب لأجل نفسك أصحاب القرية لهم مثلاً أي مثلهم عند نفسك بأصحاب القرية وعلى الأول نقول لما قال الله إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ وقال لّتُنذِرَ قال قل لهم مَا كُنتُ بِدْعاً مّنَ الرُّسُلِ بل قبلي بقليل جاء أصحاب القرية مرسلون وأنذروهم بما أنذرتكم وذكروا التوحيد وخوفوا بالقيامة وبشروا بنعيم دار الإقامة وعلى الثاني نقول لما قال الله تعالى إن


الصفحة التالية
Icon