ثم قال تعالى وَهُوَ الْعَزِيزُ أي كامل القدرة الْحَكِيمُ أي كامل العلم
ياأَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُواْ نِعْمَة َ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِّنَ السَّمَآءِ والأرض لاَ إله إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ
ثم قال تعالى آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ لما بين أن الحمد لله وبين بعض وجوه النعمة التي تستوجب الحمد على سبيل التفصيل بين نعمه على سبيل الإجمال فقال اذْكُرُواْ نِعْمَة َ اللَّهِ وهي مع كثرتها منحصرة في قسمين نعمة الإيجاد ونعمة الإبقاء
فقال تعالى هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ إشارة إلى نعمة الإيجاد في الابتداء
وقال تعالى يَرْزُقُكُم مّنَ السَّمَاء والاْرْضِ إشارة إلى نعمة الإبقاء بالرزق إلى الانتهاء
ثم بين أنه لاَ إله إِلاَّ هُوَ نظراً إلى عظمته حيث هو عزيز حكيم قادر على كل شيء قدير نافذ الإرادة في كل شيء ولا مثل لهذا ولا معبود لذاته غير هذا ونظراً إلى نعمته حيث لا خالق غيره ولا رازق إلا هو
ثم قال تعالى فَإِنّي تُؤْفَكُونَ أي كيف تصرفون عن هذا الظاهر فكيف تشركون المنحوت بمن له الملكوت
وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الاٍّ مُورُ
ثم لما بين الأصل الأول وهو التوحيد ذكر الأصل الثاني وهو الرسالة فقال تعالى وَإِن يُكَذّبُوكَ فَقَدْ كُذّبَتْ رُسُلٌ مّن قَبْلِكَ
ثم بين من حيث الإجمال أن المكذب في العذاب والمكذب له الثواب بقوله تعالى وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الامُورُ ثم بين الأصل الثالث وهو الحشر
ياأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَواة ُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ
فقال تعالى الاْمُورُ يأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَواة ُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ أي الشيطان وقد ذكرنا ما فيه من المعنى اللطيف في تفسير سورة لقمان ونعيده ههنا فنقول المكلف قد يكون ضعيف الذهن قليل العقل سخيف الرأي فيغتر بأدنى شيء وقد يكون فوق ذلك فلا يغتر به ولكن إذا جاءه غار ورزين له ذلك الشيء وهون عليه مفاسده وبين له منافع يغتر لما فيها من اللذة مع ما ينضم إليه من دعاء ذلك الغار إليه وقد يكون قوي الجأش غزير العقل فلا يغتر ولا يغر فقال الله تعالى لا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَواة ُ الدُّنْيَا إشارة إلى الدرجة الأولى وقال وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ إشارة إلى الثانية ليكون واقعاً في الدرجة الثالثة وهي العليا فلا يغر ولا يغتر
ثم قال تعالى إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً لما قال تعالى وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ ذكر


الصفحة التالية
Icon