جاز أن يكون وهو على الأفق على سطح السماء وعندما يكون على مسامته رؤوسنا في بحر السماء غائراً فيها لأن الخرق جائز على السماء نقول لا تنازع في جواز الخرق لكن القمر حينئذٍ تكون حركته في دائرة لا على خط مستقيم وهو غرضنا ولأنا نقول لو كان كذلك لكان القمر عند أهل المشرق وهو في منتصف نهارهم أكبر مقداراً لكونه قريباً من رؤوسهم ضرورة فرضه على سطح السماء الأدنى وعندنا في بحرالسماء وبالجملة الدلائل كثيرة والإكثار منها يليق بكتب الهيئة التي الغرض منها بيان ذلك العلم وليس الغرض في التفسير بيان ذلك غير أن القدر الذي أوردناه يكفي في بيان كونه فلكاً مستديراً
المسألة الرابعة هذا يدل على أن لكل كوكب فلكاً فما قولك فيه نقول أما السبعة السيارة فلكل فلك وأما الكواكب الأخر فقيل للكل فلك واحد ولنذكر كلاماً مختصراً في هذا الباب من الهيئة حيث وجب الشروع بسبب تفسير الفلك فنقول قيل إن للقمر فلكاً لأن حركته أسرع من حركة الستة الباقية وكذلك لكل كوكب فلك لاختلاف سيرها بالسرعة والبطء والممر فإن بعضها يمر في دائرة وبعضها في دائرة أخرى حتى في بعض الأوقات يمر بعضها ببعض ولا يكسفه وفي بعض الأوقات يكسفه فلكل كوكب فلك ثم إن أهل الهيئة قالوا فكل فلك هو جسم كرة وذلك غير لازم بل اللازم أن نقول لكل فلك هو كرة أو صفحة أو دائرة يفعلها الكوكب بحركته والله تعالى قادر على أن يخلق الكوكب في كرة يكون وجوده فيها كوجود مسمار مغرق في ثخن كرة مجوفة ويدير الكرة فيدور الكوكب بدوران الكرة وعلى مذهب أرباب الهيئة حركة الكواكب السيارة على هذا الوجه وكذلك قادر على أن يخلق حلقة يحيط بها أربع سطوح متوازنة بها فإنها أربع دوائر متوازية كحجر الرحى إذا قورناه وأخرجنا من وسطه طاحونة من طواحين اليد ويبقى منه حلقة يحيط بها سطوح ودوائر كما ذكرنا وتكون الكواكب فيه وهو فلك فتدور تلك الحلقة وتدير الكوكب والحركة على هذا الوجه وإن كانت مقدورة لكن لم يذهب إليه أحد ممن يعتبر وكذلك هو قادر على أن يجعل الكواكب بحيث تشق السماء فتجعل دائرة متوهمة كما لو فرضت سمكة في الماء على وجهه تنزل من جانب وتصعد إلى موضع من الجانب الآخر على استدارة وهذا هوالمفهوم من قوله تعالى وَكُلٌّ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ والظاهر أن حركة الكواكب على هذا الوجه وأرباب الهيئة أنكروا ذلك وقالوا لا تجوز الحركة على هذا الوجه لأن الكوكب له جرم فإذا شق السماء وتحرك فإما أن يكون موضع دورانه ينشق ويلتئم كالماء تحركه السمكة أو لا ينشق ولا يلتئم بل هناك خلاء يدور الكوكب فيه لكن الخلاء محال والسماء لا تقبل الشق والالتئام هذا ما اعتمدوا عليه ونحن نقول كلاهما جائز أما الخلاء فلا يحتاج إليه ههنا لأن قوله تعالى يَسْبَحُونَ يفهم منه أنه بشق والتئام وأما امتناع الشق والالتئام فلا دليل لهم عليه وشبهتهم في المحدد للجهات وهي هناك ضعيفة ثم إنهم قالوا على ما بينا تخرج الحركات وبه علمنا الكسوفات ولو كان لها حركات مختلفة لما وجب الكسوف في


الصفحة التالية
Icon