فقرؤا على فعل ما لم يسم فاعله لأن قصة ثمود قد تمت وقوله وَيَوْمَ يُحْشَرُ ابتداء كلام آخر وأيضاً الحاشرون لهم هم المأمورون بقوله احْشُرُواْ ( اللصفات ٢٢ ) وهم الملائكة وأيضاً أن هذه القراءة موافقة لقوله فَهُمْ يُوزَعُونَ ( فصلت ١٩ ) وأيضاً فتقدير القراءة الأولى أن الله تعالى قال وَيَوْمَ نَحْشُرُ أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فكان الأولى على هذا التقدير أن يقال ويوم نحشر أعداءنا إلى النار
واعلم أنه تعالى لما ذكر أن أعداء الله يحشرون إلى النار قال فَهُمْ يُوزَعُونَ أي يحبس أولهم على آخرهم أي يوقف سوابقهم حتى يصل إليهم تواليهم والمقصود بيان أنهم إذا اجتمعوا سألوا عن أعمالهم
ثم قال حَتَّى إِذَا مَا جَاءوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم وفيه مسائل
المسألة الأولى التقدير حتى إذا جاؤنا شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم وعلى هذا التقدير فكلمة مَا صلة وقيل فيها فائدة زائدة وهي تأكيد أن عند مجيئهم لا بد وأن تحصل هذه الشهادة كقوله أثم إذا ما وقع آمنتم به ( يونس ٥١ ) أي لا بد لوقت وقوعه من أن يكون وقت إيمانهم به
المسألة الثانية روي أن العبد يقول يوم القيامة يا رب العزة ألست قد وعدتين أن لا تظلمني فيقول الله تعالى فإن لك ذلك فيقول العبد إني لا أقبل على نفسي شاهداً إلا من نفسي فيختم الله على فيه وينطق أعضاءه باالأعمال التي صدرت منه فذلك قوله أثم إذا ما وقع آمنتم به ( يونس ٥١ ) أي لا بد لوقت وقوعه من أن يكون وقت إيمانهم به
المسألة الثانية روي أن العبد يقول يوم القيامة يا رب العزة ألست قد وعدتين أن لا تظلمني فيقول الله تعالى فإن لك ذلك فيقول العبد إني لا أقبل على نفسي شاهداً إلا من نفسي فيختم الله على فيه وينطق أعضاءه باالأعمال التي صدرت منه فذلك قوله ( يونس ٥١ ) أي لا بد لوقت وقوعه من أن يكون وقت إيمانهم به
المسألة الثانية روي أن العبد يقول يوم القيامة يا رب العزة ألست قد وعدتين أن لا تظلمني فيقول الله تعالى فإن لك ذلك فيقول العبد إني لا أقبل على نفسي شاهداً إلا من نفسي فيختم الله على فيه وينطق أعضاءه باالأعمال التي صدرت منه فذلك قوله شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم واختلف الناس في كيفية الشهادة وفيه ثلاثة أقوال أحدها أنه تعالى يخلق الفهم والقدرة والنطق فيها فتشهد كما يشهد الرجل على ما يعرفه والثاني أنه تعالى يخلق في تلك الأعضاء الأصوات والحروف الدالة على تلك المعاني كما خلق الكلام في الشجرة والثالث أن يظهر تلك الأعضاء أحوالاً تدل على صدور تلك الأعمال من ذلك الإنسان وتلك الأمارات تسمى شهادات كما يقال يشهد هذا العالم بتغيرات أحواله على حدوثه واعلم أن هذه المسألة صعبة على المعتزلة أما القول الأول فهو صعب على مذهبهم لأن البنية عندهم شرط لحصول العقل والقدرة فاللسان مع كونه لساناً يمتنع أن يكون محلاً للعلم والعقل فإن غير الله تعالى تلك البنية والصورة خرج عن كونه لساناً وجلداً وظاهر الآية يدل على إضافة تلك الشهادة إلى السمع والبصر والجولد فإن قلنا إن الله تعالى ما غير بنية هذه الأعضاء فحينئذ يمتنع عليها كونها ناطقة فاهمة وأما القول الثاني وهو أن يقالل إن الله تعالى خلق هذه الأصوات والحروف في هذه الأعضاء وهذا أيضاً باطل على أصول المعتزلة لأن مذهبهم أن المتكلم هو الذي فعل الكلام لا ما كان موصوفاً بالكلام فإنهم يقولون إن الله تعالى خلق الكلام في الشجرة وكان المتكلم بذلك الكلام هو الله تعالى لا الشجرة فههنا لو قلنا إن الله خلق الأصوات والحروف في تلك الأعضاء لزم أن يكون الشاهد هو الله تعالى لا تلك ولزم أن يكون المتكلم بذلك الكلام هو الله لا تلك الأعضاء وظاهر القراآن يدل على أن تلك الشهادة شهادة صدرت من تلك الأعضاء لا من الله تعالى لأنه تعالى قال شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم وأيضاً أنهم قالوا لتلك الأعضاء لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا فقالت الأعضاء أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِى أَنطَقَ كُلَّ شَى ْء وكل هذه الآياات دالة على أن المتكلم بتلك الكلمات هي تلك الأعضاء وأن تلك الكلمات ليست كلام الله تعالى فهذا توجيه الإشكال على هذين القولين وأما القول الثالث وهو تفسير هذه الشهادة بظهور أمارات مخصوصة على هذه الأعضاء دالة على صدور تلك الأعمال منهم فهذا عدول عن الحقيقة إلى المجاز والأصل عدمه فهذا


الصفحة التالية
Icon