( البقرة ٤٦ ) وأما الظن المردي فهو قوله وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِى ظَنَنتُم بِرَبّكُمْ قال صاحب ( الكشاف ) تَعْمَلُونَ وَذَلِكُمْ رفع بالابتداء وظنكم و بِرَبّكُمْ أَرْدَاكُمْ خبران ويجوز أن يكون ظنكم بدلاً من ذلاكم وأرداكم الخبر
ثم قال فَإِن يَصْبِرُواْ فَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ يعني إن أمسكوا عن الاستغالثة لفرج ينتظرونه لم يجدوا ذلك وتكون النار مثوى لهم أي مقاماً لهم وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ فَمَا هُم مّنَ الْمُعْتَبِينَ أي لم يعطوا العتبى ولم يجابوا إليها ونظيره قوله تعالى أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ ( إبراهيم ٢١ ) وقرىء وإن يستعتبوا فما هم من الممعتبين أي أن يسألوا أن يرضوا ربهم فما هم فاعلون أي لا سبيل لهم إلى ذلك
وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِى أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لِهَاذَا الْقُرْءَانِ وَالْغَوْاْ فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ عَذَاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِى كَانُواْ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ جَزَآءُ أَعْدَآءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ جَزَآءً بِمَا كَانُوا بِأاياتِنَا يَجْحَدُون وَقَال الَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَآ أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الاٌّ سْفَلِينَ
اعلم أنه تعالى لما ذكر الوعيد الشديد في الدنيا والآخرة على كفر أولئك الكفار أردفه بذكر السبب الذي لأجله وقعوا في ذلك الكفر فقال وَقَضَيْنَا لَهُمْ قُرَنَاء وفيه مسائل
المسألة الأولى قال صاحب ( الصحاح ) يقال قايضت الرجل مقايضة أي عاوضته بمتاع وهما قيضان كما يقال بيعان وقيض الله فلاناً أي جاءه به وأتى به له ومنه قوله تعالى وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاء
المسألة الثانية احتج أصحابنا بهذه الآية على أنه تعالى يريد الكفر من الكافر فقالوا إنه تعالى ذكر أنه قيض لهم أولئك القرناء وكان عالماً بأنه متى قيض لهم أولئك القرناء فإن يزينوا الباطل لهم وكل من فعل فعلاً وعلم أن ذلك الفعل يفضي إلى أثر لا محالة فإن فاعل ذلك الفعل لا بد وأن يكون مريداً لذلك الأثر فثبت أنه تعالى لما قيض لهم قرناء فقد أراد منهم ذلك الكفر أجاب الجبائي عنه بأن قال لو أراد المعاصي لكانوا بفعلها مطيعين إذ الفاعل لما أراده منه غيره يجب أن يكون مطيعاً له وبأن قوله وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ


الصفحة التالية
Icon