الصوت إلا أن الإشكال في أن الحاجة إلى إظهار المعجزة في كل مرة لم يقل به أحد
المسألة السابعة دلّت المناظرات المذكورة في القرآن بين الله تعالى وبين إبليس على أنه تعالى كان يتكلم مع إبليس من غير واسطة فذلك هل يسمى وحياً من الله تعالى إلى إبليس أو لا الأظهر منعه ولا بد في هذا الموضع من بحث غامض كامل
المسألة الثامنة قرأ نافع أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً برفع اللام فيوحي بسكون الياء ومحله رفع على تقدير وهو يرسل فيوحي والباقون بالنصب على تأويل المصدر كأنه قيل ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً إو إسماعاً لكلامه من وراء حجاب أو يرسل لكن فيه إشكال لأن قوله وحياً أو إسماعاً اسم وقوله أَوْ يُرْسِلَ فعل وعطف الفعل على الاسم قبيح فأجيب عنه بأن التقدير وما كان لبشر أن يكلمه إلا أن يوحي إليه وحياً أو يسمع إسماعاً من وراء حجاب أو يرسل رسولاً
المسألة التاسعة الصحيح عند أهل الحق أن عندما يبلغ الملك الوحي إلى الرسول لا يقدر الشيطان على إلقاء الباطل في أثناء ذلك الوحي وقال بعضهم يجوز ذلك لقوله تعالى وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى الشفاعة ترتجى وكان صديقنا الملك سام بن محمد رحمه الله وكان أفضل من لقيته من أرباب السلطنة يقول هذا الكلام بعد الدلائل القوية القاهرة باطل من وجهين آخرين الأول أن النبي ( ﷺ ) قال ( من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بصورتيا ) فإذا لم يقدر الشيطان على أن يتمثل في المنام بصورة الرسول فكيف قدر على التشبه بجبريل حال اشتغال تبليغ وحي الله تعالى والثاني أن النبي ( ﷺ ) قال ( ما سلك عمر فجاً إلا وسلك الشيطان فجاً آخر ) فإذا لم يقدر الشيطان أن يحضر مع عمر في فج واحد فكيف يقدر على أن يحضر مع جبريل في موقف تبليغ وحي الله تعالى
المسألة العاشرة قوله تعالى فيوحي بإذنه ما يشاء يعني فويحي ذلك الملك بإذن الله ما يشاء الله وهذا يقتضي أن الحسن لا يحسن لوجه عائد عليه وأن القبيح لا يقبح لوجه عائد إليه بل لله أن يأمر بما يشاء من غير تخصيص وأن ينهى عما يشاء من غير تخصيص إذ لو لم يكن الأمر كذلك لما صح قوله مَا يَشَاء والله أعلم
ثم قال تعالى في آخر الآية إِنَّهُ عَلِى ٌّ حَكِيمٌ يعني أنه علي عن صفات المخلوقين حكيم يجري أفعاله على موجب الحكمة فيتكلم تارة بغير واسطة على سبيل الإلهام وأخرى بإسماع الكلام وثالثاً بتوسيط الملائكة الكرام ولما بيّن الله تعالى كيفية أقسام الوحي إلى الأنبياء عليهم السلام قال وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مّنْ أَمْرِنَا والمراد به القرآن وسماه روحاً لأنه يفيد الحياة من موت الجهل أو الكفر
ثم قال تعالى مَا كُنتَ تَدْرِى مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ واختلف العلماء في هذه الآية مع الإجماع على أنه لا يجوز أن يقال الرسل كانوا قبل الوحي على الكفر وذكروا في الجواب وجوهاً الأول مَا كُنتَ تَدْرِى مَا الْكِتَابُ أي القرآن وَلاَ الإِيمَانُ أي الصلاة لقوله تعالى وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ( البقرة ١٤٣ )