تريدون كلا بل نلزمكم العمل وندعوكم إلى الدين ونؤاخذكم متى أخللتم بالواجب وأقدمتم على القبيح
المسألة الثالثة قال صاحب ( الكشاف ) الفاء في قوله أَفَنَضْرِبُ للعطف على محذوف تقديره أنهملكم فنضرب عنكم الذكر
ثم قال تعالى وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِن نَّبِيّ فِى الاْوَّلِينَ وَمَا يَأْتِيهِم مّنْ نَّبِى ّ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ والمعنى أن عادة الأمم مع الأنبياء الذين يدعونهم إلى الدين الحق هو التكذيب والاستهزاء فلا ينبغي أن تتأذى من قومك بسبب إقدامهم على التكذيب والاستهزاء لأن المصيبة إذا عمت خفت
ثم قال تعالى فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُم بَطْشاً يعني أن أولئك المتقدمين الذين أرسل الله إليهم الرسل كانوا أشد بطشاً من قريش يعني أكثر عدداً وجلداً ثم قال وَمَضَى مَثَلُ الاْوَّلِينَ والمعنى أن كفار مكة سلكوا في الكفر والتكذيب مسلك من كان قبلهم فليحذروا أن ينزل بهم من الخزي مثل ما نزل بهم فقد ضربنا لهم مثلهم كما قال وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ الاْمْثَالَ ( الفرقان ٣٩ ) وكقوله وَسَكَنتُمْ فِى مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ إلى قوله وَضَرَبْنَا لَكُمُ الامْثَالَ ( إبراهيم ٤٥ ) والله أعلم
وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ والأرض لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الأرض مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَالَّذِى نَزَّلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَة ً مَّيْتاً كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ وَالَّذِى خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ الْفُلْكِ وَالاٌّ نْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُواْ عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُواْ نِعْمَة َ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُواْ سُبْحَانَ الَّذِى سَخَّرَ لَنَا هَاذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّآ إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ
اعلم أنه قد تقدم ذكر المسرفين وهم المشركون وتقدم أيضاً ذكر الأنبياء فقوله ولئن سألتهم يحتمل أن يرجع إلى الأنبياء ويحتمل أن يرجع إلى الكفار إلا أن الأقرب رجوعه إلى الكفار فبيّن تعال أنهم مقرون بأن خالق السماوات والأرض وما بينهما هو الله العزيز الحكيم والمقصود أنهم مع كونهم مقرين بهذا المعنى يعبدون معه غيره وينكرون قدرته على البعث وقد تقدم الإخبار عنهم ثم إنه تعالى ابتدأ دالاً على نفسه بذكر مصنوعاته فقال الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الاْرْضَ مَهْداً ولو كان هذا من


الصفحة التالية
Icon