بالضم وهو جمع سلف قال الليث يقال سلف بضم اللام يسلف سلوفاً فهو سلف أي متقدم وقوله وَمَثَلاً لّلاْخِرِينَ يريد عظة لمن بقي بعدهم وآية وتبرة قال أبو علي الفارسي المثل واحد يراد به الجمع ومن ثم عطف على سلف والدليل على وقوعه على أكثر من واحد قوله تعالى ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْدًا مَّمْلُوكًا لاَّ يَقْدِرُ عَلَى شَى ْء وَمَن رَّزَقْنَاهُ ( النحل ٧٥ ) فأدخل تحت المثل شيئين والله أعلم
وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَقَالُوا ءَأَالِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاَ بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِى إِسْرَاءِيلَ وَلَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَا مِنكُمْ مَّلَائِكَة ً فِى الأرض يَخْلُفُونَ وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَة ِ فَلاَ تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَاذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ وَلاَ يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ
في الآية مسائل
المسألة الأولى اعلم أنه تعالى ذكر أنواعاً كثيرة من كفرياتهم في هذه السورة وأجاب عنها بالوجوه الكثيرة فأولها قوله تعالى وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءا ( الزخرف ١٥ ) وثانيها قوله تعالى وَجَعَلُواْ الْمَلَئِكَة َ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً ( الزخرف ١٩ ) وثالثها قوله وَقَالُواْ لَوْ شَاء الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ ( الزخرف ٢٠ ) ورابعها قوله وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزّلَ هَاذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ( الزخرف ٣١ ) وخامسها هذه الآية التي نحن الآن في تفسيرها ولفظ الآية لا يدل إلا على أنه لما ضرب ابن مريم مثلاً أخذ القوم يضجون ويرفعون أصواتهم فأما أن ذلك المثل كيف كان وفي أي شيء كان فاللفظ لا يدل عليه والمفسرون ذكروا فيه وجوهاً كلها محتملة فالأول أن الكفار لما سمعوا أن النصارى يعبدون عيسى قالوا إذا عبدوا عيسى فآلهتنا خير من عيسى وإنما قالوا ذلك لأنهم كانوا يعبدون الملائكة الثاني روي أنه لما نزل قوله تعالى إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ ( الأنبياء ٩٨ ) قال عبد الله بن الزبعري هذا خاصة لنا ولآلهتنا أم لجميع الأمم فقال ( ﷺ ) ( بل لجميع الأمم ) فقال خصمتك ورب الكعبة ألست تزعم أن عيسى ابن مريم نبي وتثني عليه خيراً وعلى أمه وقد علمت أن النصارى يعبدونهما واليهود يعبدون عزيراً والملائكة يعبدون فإذا كان هؤلاء في النار فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا معهم فسكت النبي ( ﷺ ) وفرح القوم وضحكوا وضجوا فأنزل الله تعالى إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ( الأنبياء ١٠١ ) ونزلت هذه الآية أيضاً والمعنى ولما ضرب عبدالله بن الزبعري عيسى ابن مريم مثلاً وجادل رسول الله بعبادة النصارى إياه


الصفحة التالية
Icon