قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَانِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ الْعَابِدِينَ سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ والأرض رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ حَتَّى يُلَاقُواْ يَوْمَهُمُ الَّذِى يُوعَدُونَ وَهُوَ الَّذِى فِى السَّمآءِ إِلَاهٌ وَفِى الأرض إِلَاهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ وَتَبَارَكَ الَّذِى لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَة ِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَلاَ يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَة َ إِلاَّ مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ وَقِيلِهِ يارَبِّ إِنَّ هَاؤُلاَءِ قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
فيه مسائل
المسألة الأولى قرأ حمزة والكسائي وَلَدَ بضم الواو وإسكان اللام والباقون بفتحها فَأَنَاْ أَوَّلُ الْعَابِدِينَ قرأ نافع فَإِنَّا بفتحة طويلة على النون والباقون بلا تطويل
المسألة الثانية اعلم أن الناس ظنوا أن قوله قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَانِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ الْعَابِدِينَ لو أجريناه على ظاهره فإنه يقتضي وقوع الشك في إثبات ولد لله تعالى وذلك محال فلا جرم افتقروا إلى تأويل الآية وعندي أنه ليس الأمر كذلك وليس في ظاهر اللفظ ما يوجب العدول عن الظاهر وتقريره أن قوله إِن كَانَ لِلرَّحْمَانِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ الْعَابِدِينَ قضية شرطية والقضية الشرطية مركبة من قضيتين خبريتين أدخل على إحداهما حرف الشرط وعلى الأخرى حرف الجزاء فحصل بمجموعها قضية واحدة ومثاله هذه الآية فإن قوله إِن كَانَ لِلرَّحْمَانِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ قضية مركبة من قضيتين إحداهما قوله قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَانِ وَلَدٌ والثانية قوله فَأَنَاْ أَوَّلُ الْعَابِدُونَ ثم أدخل حرف الشرط وهو لفظة إن على لقضية الأولى وحرف الجزاء وهو الفاء على القضية الثانية فحصل من مجموعها قضية الأولى واحدة وهو القضية الشرطية إذ عرفت هذا فنقول القضية الشرطية لا تفيد إلا كون الشرط مستلزماً للجزاء وليس فيه إشعار بكون الشرط حقاً أو باطلاً أو بكون الجزاء حقاً أو باطلاً بل نقول القضية الشرطية الحقة قد تكون مركبة من قضيتين حقيتين أو من قضيتين باطلتين أو من شرط باطل وجزاء حق أو من شرط حق وجزاتء باطل فأما القسم الرابع وهو أن تكون القضية الشرطية الحقة مركبة من شرط حق وجزاء باطل فهذا محال
ولنبين أمثال هذه الأقسام الأربعة فإذا قلنا إن كان الإنسان حيواناً فالإنسان جسم فهذه شرطية حقة وهي مركبة من قضيتين حقيتين إحداهما قولنا الإنسان حيوان والثانية قولنا الإنسان


الصفحة التالية
Icon