ثم قال وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ أي لما جاء وقت هلاكهم لم ينظروا إلى وقت آخر لتوبة وتدارك وتقصير
وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِى إِسْرَاءِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ مِن فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِياً مِّنَ الْمُسْرِفِينَ وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ وَءَاتَيْنَاهُم مِّنَ الاٌّ يَاتِ مَا فِيهِ بَلَؤٌ اْ مُّبِينٌ إِنَّ هَاؤُلاَءِ لَيَقُولُونَ إِنْ هِى َ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الاٍّ وْلَى وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ فَأْتُواْ بِأابَآئِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ مَا خَلَقْنَاهُمَآ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلَاكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
علم أنه تعالى لما بيّن كيفية إهلاك فرعون وقومه بيّن كيفية إحسانه إلى موسى وقومه واعلم أن دفع الضرر مقدم على إيصال النفع فبدأ تعالى ببيان دفع الضرر عنهم فقال وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِى إِسْراءيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ يعني قتل الأبناء واستخدام النساء والإتعاب في الأعمال الشاقة
ثم قال مِن فِرْعَوْنَ وفيه وجهان الأول أن يكون التقدير من العذاب المهين الصادر من فرعون الثاني أن يكون فرعون بدلاً من لعذاب المهين كأنه في نفسه كان عذاباً مهيناً لإفراطه في تعذيبهم وإهانتهم قال صاحب ( الكشاف ) وقرىء مِنْ عَذَابِ الْمُهِينِ وعلى هذه القراءة ( فالمهين ) هو فرعون لأنه كان عظيم السعي في إهانة المحقين وفي قراءة ابن عباس مِن فِرْعَوْنَ وهو بمعنى الاستفهام وقوله إِنَّهُ كَانَ عَالِياً مِّنَ جوابه كأن التقدير أن يقال هل تعرفونه من هو في عتوه وشيطنته ثم عرف حاله بقوله إِنَّهُ كَانَ عَالِياً مِّنَ أي كان عالي الدرجة في طبقة المفسرين ويجوز أن يكون المراد فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِياً لقوله إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِى الاْرْضِ ( القصص ٤ ) وكان أيضاً مسرفاً ومن إسرافه أنه على حقارته وخسته ادعى الإلهية ولما بيّن الله تعالى أنه كيف دفع الضرر عن بني إسرائيل وبيّن أنه كيف أوصل إليهم الخيرات فقال وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ وفيه بحثان
البحث الأول أن قوله عَلَى عِلْمٍ في موضع الحال ثم فيه وجهان أحدهما أي عالمين بكونهم مستحقين لأن يختاروا ويرجحوا على غيرهم والثاني أن يكون المعنى مع علمنا بأنهم قد يزيغون ويصدر عنهم الفرطات في بعض الأحوال
البحث الثاني ظاهر قوله وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ يقتضي كونهم أفضل من كل


الصفحة التالية
Icon