العالمين فقيل المراد على عالمي زمانهم وقيل هذا عام دخله التخصيص كقوله كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّة ٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ( آل عمران ١١٠ )
ثم قال تعالى وَءاتَيْنَاهُم مِنَ الاْيَاتِ مثل فلق البحر وتظليل الغعمام وإنزال المن والسلوى وغيرها من الآيت القاهرة لتي ما أظهر الله مثلها على أحد سواهم وَءاتَيْنَاهُم مِنَ أي نعمة ظاهرة لأنه تعالى لما كان يبلو بالمحنة فقد يبلو أيضاً بالنعمة اختباراً ظاهراً ليتميز لصديق عن الزنديق وههنا آخر الكلام في قصة موسى عليه السلام ثم رجع إلى ذكر كفار مكة وذلك لأن الكلام فيهم حيث قال بَلْ هُمْ فِى شَكّ يَلْعَبُونَ أي بل هم في شك من البعث والقيامة ثم بيّن كيفية إصرارهم على كفرهم ثم بيّن أن قوم فرعون كانوا في الإصرار على الكفر على هذه القصة ثم بيّن كيف أهلكهم وكيف أنعم على بني إسرائيل ثم رجع إلى الحديث الأول وهو كون كفار مكة منكرين للبعث فقال إِنَّ هَؤُلاَء لَيَقُولُونَ إِنْ هِى َ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الاْوْلَى وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ فإن قيل القوم كانوا ينكرون الحياة الثانية فكان من حقهم أن يقولوا إن هي إلا حياتنا الأولى وما نحن بمنشرين قلنا إنه قيل لهم إنكم تموتون موتة تعقبها حياة كما أنكم حال كونكم نطفاً كنتم أمواتاً وقد تعقبها حياة وذلك قوله وَكُنتُمْ أَمْواتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ فَقَالُواْ أَنُؤْمِنُ هِى َ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الاْوْلَى يريدون ما الموتة التي من شأنها أن تعقبها حياة إلا الموتة الأولى دون الموتة الثانية وما هذه الصفة التي تصفون بها الموتة من تعقيب الحياة لها إلا الموتة الأولى خاصة فلا فرق إذاً بين هذا الكلام وبين قوله إِنْ هِى َ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا هذا ما ذكره صاحب ( الكشاف ) ويمكن أن يذكر فيه وجه آخر فيقال قوله إِنْ هِى َ إِلاَّ سِيَرتَهَا الاْولَى يعني أنه لا يأتينا شيء من الأحوال إلا الموتة الأولى نهذا الكلام يدل على أنهم لا تأتيهم الحياة الثانية ألبتة ثم صرحوا بهذا المزمور فقالوا وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ فلا حاجة إلى التكلف الذي ذكره صاحب ( الكشاف )
ثم قال تعالى وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ يقال نشر الله الموتى وأنشرهم إذا بعثهم ثم إن الكفار احتجوا على نفي الحشر والنشر بأن قالوا إن كان البعث والنشور ممكنً معقولاً فجعلوا لنا إحياء من مات من آبائنا بأن نسألوا ربكم ذلك حتى يصير ذلك دليلاً عندنا على صدق دعواكم في النبوة والبعث في القيامة قيل طلبوا من الرسول لله أن يدعو الله حتى ينشر قصي بن كلاب ليشاوروه في صحة نبوة محمد ( ﷺ ) وفي صحة البعث ولما حكى عنهم ذلك قال أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ والمعنى أن كفار مكة لم يذكروا في نفي الحشر والنشر شبهة حتى يحتاج إلى الجواب عنها ولكنهم أصروا على الجهل والتقليد في ذلك الإنكار فلهذا السبب اقتصر لله تعالى على الوعيد فقال إن سائر الكفار كانوا أقوى من هؤلاء ثم إن الله تعالى أهلكهم فكذلك يهلك هؤلاء فقوله تعالى صَادِقِينَ أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ استفهام على سبيل الإنكار قال أبو عبيدة ملوك اليمن كان كل واحد منهم يسمى تبعاً لأن أهل الدنيا كانوا يتبعونه وموضع تبع في الجاهلية موضع الخليفة في الإسلام وهم الأعاظم من ملوك العرب قالت عائشة كان تبع رجلاً صالحاً وقال كعب ذم الله قومه ولم يذمه قال الكلبي هو أبو كرب أسعد وعن


الصفحة التالية
Icon