الرجحان الثالث أنا إذا جعلنا العزيز الحكيم صفة لله كان ذلك إشارة إلى الدليل الدال على أن الفرآن حق لأن كونه عزيزاً يدل على كونه قادراً على كل الممكنات وكونه حكيماً يدل على كونه عالماً بجميع المعلومات غنياً عن كل الحاجات ويحصل لنا من مجموع كونه تعالى عزيزاً حكيماً كونه قادراً على جميع الممكنات عالماً بجميع المعلومات غنياً عن كل الحاجات وكل ما كان كذلك امتنع منه صدور العبث والباطل وإذا كان كذلك كان ظهور المعجز دليلاً على الصدق فثبت أنا إذا جعلنا كونه عزيزاً حكيماً صفتين لله تعالى يحصل منه هذه الفائدة وأما إذا جعلناهما صفتين للكتاب لم يحصل منه هذه الفائدة فكان الأول أولى والله أعلم
ثم قال تعالى إِنَّ فِى السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ لاَيَاتٍ لّلْمُؤْمِنِينَ وفيه مباحث
البحث الأول أن قوله إِنَّ فِى السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ لاَيَاتٍ يجوز إجراؤه على ظاهره لأنه حصل في ذوات السموات والأرض أحوال دالة على وجود الله تعالى مثل مقاديرها وكيفياتها وحركاتها وأيضاً الشمس والقمر والنجوم والجبال والبحار موجودة في السموات والأرض وهي آيات ويجوز أن يكون المعنى إن في خلق السموات والأرض كما صرّح به في سورة البقرة في قوله إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ ( البقرة ١٦٤ ) وهو يدل على وجود القادر المختار في تفسير قوله الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ ( الأنعام ١ )
البحث الثاني قد ذكرنا الوجوه الكثيرة في دلالة السموات والأرض على وجود الإله القادر المختار في تفسير قوله الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ ولا بأس بإعادة بعضها فنقول إنها تدل على وجود الإله من وجوه الأول أنها أجسام لا تخلو عن الحوادث وما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث فهذه الأجسام حادثة وكل حادث فله محدث الثاني أنها مركبة من الأجزاء وتلك الأجزاء متماثلة لما بينا أن الأجسام متماثلة وتلك الأجزاء وقع بعضها في العمق دون السطح وبعضها في السطح دون العمق فيكون وقوع كل جزء في الموضع الذي وقع فيه من الجائزات وكل جائز فلا بد له من مرجح ومخصص الثالث أن الأفلاك والعناصر مع تماثلها في تمام الماهية الجسمية اختص كل واحد منها بصفة معينة كالحرارة والبرودة واللطافة والكثافة الفلكية والعنصرية فيكون ذلك أمراً جائزاً ولا بد لها من مرجح الرابع أن أجرام الكواكب مختلفة في الألوان مثل كمودة زحل وبياض المشتري وحمرة المريخ والضوء الباهر للشمس ودرية الزهرة وصفرة عطارد ومحو القمر وأيضاً فبعضها سعيدة وبعضها نحسة وبعضها نهاري ذكر وبعضها ليلي أنثى وقد بينا أن الأجسام في ذواتها متماثلة فوجب أن يكون اختلاف الصفات لأجل أن الإله القادر المختار خصص كل واحد منها بصفته المعينة الخامس أن كل فلك فإنه مختص بالحركة إلى جهة معينة ومختص بمقدار واحد من السرعة والبطء وكل ذكل أيضاً من الجائزات فلا بد من الفاعل المختار السادس أن كل فلك مختص بشيء معين وكل ذلك أيضاً من الجائزات فلا بد من الفاعل المختار وتمام الوجوه مذكور في تفسير تلك الآيات
البحث الثالث قوله لاَيَاتٍ لّلْمُؤْمِنِينَ يقتضي كون هذه الآيات مختصة بالمؤمنين وقالت المعتزلة إنها آيات للمؤمن والكافر إلا أنه ملا انتفع


الصفحة التالية
Icon