تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ إشارة إلى أن أحدهما يقع وقرىء أَوْ بالنصب بإضمار أن على معنى تقاتلونهم إلى أن يسلموا والتحقيق فيه هو أن لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ لا تجيء إلا بين المتغايرين وتنبىء عن الحصر فيقال العدد زوج أو فرد ولهذا لا يصح أن يقال هو زيد أو عمرو ولهذا يقال العدد زوج أو خمسة أو غيرهما إذا علم هذا فقال القائل لألزمنك أو تقضيني حقي يفهم منه أن الزمان انحصر في قسمين قسم يكون فيه الملازمة وقسم يكون فيه قضاء الحق فلا يكون بين الملازمة وقضاء الحق زمان لا يوجد فيه الملازمة ولا قضاء الحق فيكون في قوله لألزمنك أو تقضيني كما حكي في قول القائل لألزمنك إلى أن تقضيني لامتداد زمان الملازمة إلى القضاء وهذا ما يضعف قول القائل الداعي هو عمر والقوم فارس والروم لأن الفريقين يقران بالجزية فالقتال معهم لا يمتد إلى الإسلام لجواز أن يؤدوا الجزية وقوله تعالى فَإِن تُطِيعُواْ يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِن تَتَوَلَّوْاْ كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مّن قَبْلُ فيه فائدة لأن التولي إذا كان بعذر كما قال تعالى لَّيْسَ عَلَى الاْعْمَى حَرَجٌ ( النور ٦١ ) لا يكون للمتولي عذاب أليم فقال وَإِن تَتَوَلَّوْاْ كَمَا تَوَلَّيْتُمْ يعني إن كان توليكم بناء على الظن الفاسد والاعتقاد الباطل كما كان حيث قلتم بألسنتكم لا بقلوبكم شَغَلَتْنَا أَمْوالُنَا ( الفتح ١١ ) فالله يعذبكم عذاباً أليماً
لَّيْسَ عَلَى الاٌّ عْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الاٌّ عْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الاٌّ نْهَارُ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَاباً أَلِيماً
بين من يجوز له التخلف وترك الجهاد وما بسببه يجوز ترك الجهاد وهو ما يمنع من الكر والفر وبين ذلك ببيان ثلاثة أصناف الأول الاْعْمَى فإنه لا يمكنه الإقدام على العدو والطلب ولا يمكنه الاحتراز والهرب والأعرج كذلك والمريض كذلك وفي معنى الأعرج الأقطع والمقعد بل ذلك أولى بأن يعذر ومن به عرج لا يمنعه من الكر والفر لا يعذر وكذلك المرض القليل الذي لا يمنع من الكر والفر كالطحال والسعال إذ به يضعف وبعض أوجاع المفاصل لا يكون عذراً وفيه مسائل
المسألة الأولى أن هذه أعذار تكون في نفس المجاهد ولنا أعذار خارجة كالفقر الذي لا يتمكن صاحبه من استصحاب ما يحتاج إليه والاشتغال بمن لولاه لضاع كطفل أو مريض والأعذار تعلم من الفقه ونحن نبحث فيما يتعلق بالتفسير في بيان مسائل
المسألة الأولى ذكر الأعذار التي في السفر لأن غيرها ممكن الإزالة بخلاف العرج والعمى
المسألة الثانية اقتصر منها على الأصناف الثلاثة لأن العذر إما أن يكون بإخلال في عضو أو بإخلال في القوة والذي بسبب إخلال العضو فإما أن يكون بسبب اختلال في العضو الذي به الوصول إلى العدو


الصفحة التالية
Icon