وَاتَّبِعُوهُ ( الأعراف ١٥٨ ) وقوله تعالى فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ( النور ٦٣ )
ثم قال تعالى وَمَا أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ كانوا يطالبونه بالمعجزات العجيبة وبالإخبار عن الغيوب فقال قل وَمَا أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ والقادر على تلك الأعمال الخارجة عن قدرة البشر والعالم بتلك الغيوب ليس إلا الله سبحانه
ثم قال تعالى قُلْ أَرَءيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مّن بَنِى إِسْراءيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَئَامَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ وفيه مسائل
المسألة الأولى جواب الشرط محذوف والتقدير أن يقال إن كان هذا الكتاب من عند الله ثم كفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على صحته ثم استكبرتم لكنتم من الخاسرين ثم حذف هذا الجواب ونظيره قولك إن أحسنت إليك وأسأت إليّ وأقبلت عليك وأعرضت عني فقد ظلمتني فكذا ههنا التقدير أخبروني إن ثبت أن القرآن من عند الله بسبب عجز الخلق عن معارضته ثم كفرتم به وحصل أيضاً شهادة أعلم بني إسرائيل بكونه معجزاً من عند الله فلو استكبرتم وكفرتم ألستم أضل الناس وأظلمهم واعلم أن جواب الشرط قد يحذف في بعض الآيات وقد يذكر أما الحذف فكما في هذه الآية وكما في قوله تعالى وَلَوْ أَنَّ قُرْانًا سُيّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطّعَتْ بِهِ الاْرْضُ أَوْ كُلّمَ بِهِ الْمَوْتَى ( الرعد ٣١ ) وأما المذكور فكما في قوله تعالى قُلْ أَرَءيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ ( فصلت ٥٢ ) وقوله قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة ِ مَنْ إِلَاهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاء ( القصص ٧١ )
المسألة الثانية اختلفوا في المراد بقوله تعالى وَشَهِدَ شَاهِدٌ مّن بَنِى إِسْراءيلَ على قولين الأول وهو الذي قال به الأكثرون أن هذا الشاهد عبد الله بن سلاّم روى صاحب ( الكشاف ) أنه لما قدم رسول الله ( ﷺ ) المدينة نظر إلى وجهه فعلم أنه ليس بوجه كذاب وتأمله وتحقق أنه هو النبي ( ﷺ ) المنتظر فقال له إني سائلك عن ثلاث ما يعلمهن إلا نبي ما أول أشراط الساعات وما أول طعام يأكله أهل الجنة والولد ينزع إلى أبيه أو إلى أمه فقال ( ﷺ ) ( أما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت وأما الولد فإذا سبق ماء الرجل نزع له وإن سبق ماء المرأة نزع لها ) فقال أشهد أنك لرسول الله حقاً ثم قال يا رسول الله إن اليهود قوم بهت وإن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم عني بهتوني عندك فجاءت اليهود فقال لهم النبي ( ﷺ ) أي رجل عبد الله فيكم فقالوا خيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا وأعلمنا وابن أعلمنا فقال أرأيتم إن أسلم عبد الله فقالوا أعاذه الله من ذلك فخرج عبد الله فقال أشهد أن لا إلاه إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله فقالوا شرنا وابن شرنا وانتقصوه فقال هذا ما كنت أخاف يا رسول الله فقال سعد بن أبي وقاص ما سمعت رسول الله ( ﷺ ) يقول لأحد يمشي على الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلاّم وفيه نزل وَشَهِدَ شَاهِدٌ مّن بَنِى إِسْراءيلَ عَلَى مِثْلِهِ
واعلم أن الشعبي ومسروقاً وجماعة آخرين أنكروا أن يكون الشاهد المذكور في هذه الآية هو عبد الله بن سلاّم قالوا لأن إسلامه كان بالمدينة قبل وفاة رسول الله ( ﷺ ) بعامين وهذه السورة مكية فكيف يمكن حمل هذه الآية المكية على واقعة حدثت في آخر عهد رسول الله ( ﷺ ) بالمدينة وأجاب الكلبي بأن السورة مكية إلا هذه الآية فإنها مدنية وكانت الآية تنزل فيؤمر رسول الله ( ﷺ ) بأن يضعها في سورة كذا فهذا


الصفحة التالية
Icon