يقال هذا مولى فلان ولما بطل ذلك علمنا أن الذي قالوه معنى وليس بتفسير وإنما نبهنا على هذه الدقيقة لأن الشريف المرتضى لما تسمك بإمامة علي بقوله عليه السلام ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) قال أحد معاني مولى معناه أولى واحتج في ذلك بأقوال أئمة اللغة في تفسير هذه الآية بأن مولى معناه أولى وإذا ثبت أن اللفظ محتمل له وجب حمله عليه لأن ما عداه إما بين الثبوت ككونه ابن العم والناصر أو بين الإنتفاء كالمعتق والمعتق فيكون على التقدير الأول عبثاً وعلى التقدير الثاني كذباً وأما نحن فقد بينا بالدليل أن قول هؤلاء في هذا الموضع معنى لا تفسير وحينئذ يسقط الاستدلال به وفي الآية وجه آخر وهو أن معنى قوله هِى َ مَوْلَاكُمْ أي لا مولى لكم وذلك لأن من كانت النار مولاه فلا مولى له كما يقال ناصره الخذلان ومعينه البكاء أي لا ناصر له ولا معين وهذا الوجه متأكد بقوله تعالى وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَى لَهُمْ ( محمد ١١ ) ومنه قوله تعالى يُغَاثُواْ بِمَاء كَالْمُهْلِ ( الكهف ٢٩ )
( ١٦ )
أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلاَ يَكُونُواْ كَالَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الاٌّ مَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ
وفيه مسألتان
المسألة الأولى قرأ الحسن ( ألما يأن ) قال ابن جني أصل لما لم ثم زيد عليها ما فلم نفي لقوله أفعل ولما نفي لقوله قد يفعل وذلك لأنه لما زيد في الإثبات قد لا جرم زيد في نفيه ما إلا أنهم لما ركبوا لم مع ما حدث لها معنى ولفظ أما المعنى فإنها صارت في بعض المواضع ظرفاً فقالوا لما قمت قام زيد أي وقت قيامك قام زيد وأما اللفظ فإنه يجوز أن تقف عليها دون مجزومها فيجوز أن تقول جئت ولما أي ولما يجيء ولا يجوز أن يقول جئت ولم
وأما الذين قرأوا أَلَمْ يَأْنِ فالمشهور ألم يأن من أنى الأمر يأني إذا جاء إناء أتاه أي وقته وقرىء ( ألم يئن ) من أن يئين بمعنى أنى يأني
المسألة الثانية اختلفوا في قوله أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ فقال بعضهم نزل في المنافقين الذين أظهروا الإيمان وفي قلوبهم النفاق المباين للخشوع والقائلون بهذا القول لعلهم ذهبوا إلى أن المؤمن لا يكون مؤمناً في الحقيقة إلا مع خشوع القلب فلا يجوز أن يقول تعالى ذلك إلا لمن ليس بمؤمن وقال آخرون بل المراد من هو مؤمن على الحقيقة لكن المؤمن قد يكون له خشوع وخشية وقد لا يكون كذلك ثم على هذا القول تحتمل الآية وجوهاً أحدها لعل طائفة من المؤمنين ما كان فيهم مزيد خشوع ولا رقة فحثوا عليه بهذه الآية وثانيها لعل قوماً كان فيهم خشوع كثير ثم زال منهم شدة ذلك الخشوع فحثوا على المعاودة إليها عن الأعمش قال إن الصحابة لما قدموا المدينة أصابوا ليناً في العيش ورفاهية ففتروا عن بعض ما كانوا عليه فعوتبوا بهذه الآية وعن أبي بكر أن هذه الآية قرئت بين يديه وعنده


الصفحة التالية
Icon