صاع من بر أو دقيق أو سويق أو صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير ولا يجزئه دون ذلك حجة الشافعي أن ظاهر الآية يقتضي الإطعام ومراتب الإطعام مختلفة بالكمية والكيفية فليس حمل اللفظ على البعض أولى من حمله على الباقي فلا بد من حمله على أقل مالا بد منه ظاهراً وذلك هو المد حجة أبي حنيفة ما روي في حديث أوس بن الصامت ( لكل مسكين نصف صاع من بر ) وعن علي وعائشة قالا لكل مسكين مدان من بر ولأن المعتبر حاجة اليوم لكل مسكين فيكون نظير صدقة الفطر ولا يتأدى ذلك بالمد بل بما قلنا فكذلك هنا
المسألة الحادية عشرة لو أطعم مسكيناً واحداً ستين مرة لا يجزىء عند الشافعي وعند أبي حنيفة يجزىء حجة الشافعي ظاهر الآية وهو أنه أوجب إطعام ستين مسكيناً فوجب رعاية ظاهر الآية وحجة أبي حنيفة أن المقصود دفع الحاجة وهو حاصل وللشافعي أن يقول التحكمات غالبة على هذه التقديرات فوجب الامتناع فيها من القياس وأيضاً فلعل إدخال السرور في قلب ستين إنساناً أقرب إلى رضا الله تعالى من إدخال السرور في قلب الإنسان الواحد
المسألة الثانية عشرة قال أصحاب الشافعي إنه تعالى قال في الرقبة فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ وقال في الصوم فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتّينَ مِسْكِيناً فذكر في الأول فَمَن لَّمْ يَجِدْ وفي الثاني فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فقالوا من ماله غائب لم ينتقل إلى الصوم بسبب عجزه عن الإعتاق في الحال أما من كان مريضاً في الحال فإنه ينتقل إلى الإطعام وإن كان مرضه بحيث يرجى زواله قالوا والفرق أنه قال في الانتقال إلى الإطعام فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ وهو بسبب المرض الناجز والعجز العاجل غير مستطيع وقال في الرقبة فَمَن لَّمْ يَجِدْ والمراد فمن لم يجد رقبة أو مالاً يشتري به رقبة ومن ماله غائب لا يسمى فاقداً للمال وأيضاً يمكن أن يقال في الفرق إحضار المال يتعلق باختياره وأما إزالة المرض فليس باختياره
المسألة الثالثة عشرة قال بعض أصحابنا الشبق المفرط والغلمة الهائجة عذر في الانتقال إلى الإطعام والدليل عليه أنه عليه السلام لما أمر الأعرابي بالصوم قال له وهل أتيت إلا من قبل الصوم فقال عليه السلام أطعم ) دل الحديث على أن الشبق الشديد عذر في الانتقال من الصوم إلى الإطعام وأيضاً الاستطاعة فوق الوسع والوسع فوق الطاقة فالاستطاعة هو أن يتمكن الإنسان من الفعل على سبيل السهولة ومعلوم أن هذا المعنى لا يتم مع شدة الشبق فهذه جملة مختصرة مما يتعلق بفقه القرآن في هذه الآية والله أعلم
قوله تعالى ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ قال الزجاج ذالِكُمْ للتغليظ في الكفارة تُوعَظُونَ بِهِ أي أن غلظ الكفارة وعظ لكم حتى تتركوا الظهار ولا تعاودوه وقال غيره ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ أي تؤمرون به من الكفارة وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ من التكفير وتركه


الصفحة التالية
Icon