رضي الله عنه يجريه كذلك ثم صار إلى علي فكان يجريه هذا المجرى فالأئمة الأربعة اتفقوا على ذلك والقول الثاني أن هذه الآية نزلت في بني النضير وقراهم وليس للمسلمين يومئذ كثير خيل ولا ركاب ولم يقطعوا إليها مسافة كثيرة وإنما كانوا على ميلين من المدينة فمشوا إليها مشياً ولم يركب إلا رسول الله ( ﷺ ) وكان راكب جمل فلما كانت المقاتلة قليلة والخيل والركب غير حاصل أجراه الله تعالى مجرى مالم يحصل فيه المقاتلة أصلاً فخص رسول الله ( ﷺ ) بتلك الأموال ثم روى أنه قسمها بين المهاجرين ولم يعط الأنصار منها شيئاً إلا ثلاثة نفر كانت بهم حاجة وهم أبو دجانة وسهل بن حنيف والحرث بن الصمة ثم إنه تعالى ذكر حكم الفيء فقال
مَّآ أَفَآءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَى لاَ يَكُونَ دُولَة ً بَيْنَ الاٌّ غْنِيَآءِ مِنكُمْ وَمَآ ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ
قال صاحب الكشاف لم يدخل العاطف على هذه الجملة لأنها بيان للأولى فهي منها وغير أجنبية عنها واعلم أنهم أجمعوا على أن المراد من قوله وَلِذِى الْقُرْبَى بنو هاشم وبنو المطلب قال الواحدي كان الفيء في زمان رسول الله ( ﷺ ) مقسوماً على خمسة أسهم أربعة منها لرسول الله ( ﷺ ) خاصة وكان الخمس الباقي يقسم على خمسة أسهم سهم منها لرسول الله أيضاً والأسهم الأربعة لذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل وأما بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام فللشافعي فيما كان من الفيء لرسول الله قولان أحدهما أنه للمجاهدين المرصدين للقتال في الثغور لأنهم قاموا مقام رسول الله في رباط الثغور والقول الثاني أنه يصرف إلى مصالح المسلمين من سد الثغور وحفر الأنهار وبناء القناطر يبدأ بالأهم فالأهم هذا في الأربعة أخماس التي كانت لرسول الله ( ﷺ ) وأما السهم الذي كان له من خمس الفيء فإنه لمصالح المسلمين بلا خلاف وقوله تعالى كَى لاَ يَكُونَ دُولَة ً بَيْنَ الاْغْنِيَاء مِنكُمْ فيه مسائل
المسألة الأولى قال المبرد الدولة اسم للشيء الذي يتداوله القوم بينهم يكون كذا مرة وكذا مرة والدولة بالفتح انتقال حال سارة إلى قوم عن قوم فالدولة بالضم اسم ما يتداول وبالفتح مصدر من هذا ويستعمل في الحالة السارة التي تحدث للإنسان فيقال هذه دولة فلان أي تداوله فالدولة اسم لما يتداول من المال والدولة اسم لما ينتقل من الحال ومعنى الآية كي لا يكون الفيء الذي حقه أن يعطى للفقراء ليكون لهم بلغة يعيشون بها واقعاً في يد الأغنياء ودولة لهم
المسألة الثانية قرىء ( دولة ) و ( دولة ) بفتح الدال وضمها وقرأ أبو جعفر ( دولة ) مرفوعة الدال والهاء قال أبو الفتح يَكُونَ ههنا هي التامة كقوله وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَة ٍ فَنَظِرَة ٌ ( البقرة ٢٨٠ ) يعني كي لا يقع دولة جاهلية ثم قال وَمَا ءاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ يعني ما أعطاكم الرسول من الفيء


الصفحة التالية
Icon