فخذوه فهو لكم حلال وما نهاكم عن أخذه فانتهوا وَاتَّقُواْ اللَّهَ في أمر الفيء أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ على ما نهاكم عنه الرسول والأجود أن تكون هذه الآية عامة في كل ما آتى رسول الله ونهى عنه وأمر الفيء داخل في عمومه
لِلْفُقَرَآءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَائِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ
اعلم أن هذا بدل من قوله وَلِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ( الحشر ٧ ) كأنه قيل أعني بأولئك الأربعة هؤلاء الفقراء والمهاجرين الذين من صفتهم كذا وكذا ثم إنه تعالى وصفهم بأمور أولها أنهم فقراء وثانيها أنهم مهاجرون وثالثها أنهم أخرجوا من ديارهم وأموالهم يعني أن كفار مكة أحوجوهم إلى الخروج فهم الذين أخرجوهم ورابعها أنهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً والمراد بالفضل ثواب الجنة وبالرضوان قوله وَرِضْوانٌ مّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ( التوبة ٧٢ ) وخامسها قوله وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أي بأنفسهم وأموالهم وسادسها قوله أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ يعني أنهم لما هجروا لذات الدنيا وتحملوا شدائدها لأجل الدين ظهر صدقهم في دينهم وتمسك بعض العلماء بهذه الآية على إمامة أبي بكر رضي الله عنه فقال هؤلاء الفقراء من المهاجرين والأنصار كانوا يقولون لأبي بكر يا خليفة رسول الله والله يشهد على كونهم صادقين فوجب أن يكونوا صادقين في قولهم يا خليفة رسول الله ومتى كان الأمر كذلك وجب الجزم بصحة إمامته
ثم إنه تعالى ذكر الأنصار وأثنى عليهم حين طابت أنفسهم عن الفيء إذ للمهاجرين دونهم فقال
وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِى صُدُورِهِمْ حَاجَة ً مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَة ٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَائِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
والمراد من الدار المدينة وهي دار الهجرة تبوأها الأنصار قبل المهاجرين وتقدير الآية والذين تبوءوا المدينة والإيمان من قبلهم فإن قيل في الآية سؤالان أحدهما أنه لا يقال تبوأ الإيمان والثاني بتقدير أن يقال ذلك لكن الأنصار ما تبوءوا الإيمان قبل المهاجرين والجواب عن الأول من وجوه أحدها تبوءوا الدار وأخلصوا الإيمان كقوله ولقد رأيتك في الوغى
متقلداً سيفاً ورمحاً


الصفحة التالية
Icon