والحكومة أعقل الخلق وأذكاهم لبقي فيه خمسين ألف سنة ثم إنه تعالى يتمم ذلك القضاء والحكومة في مقدار نصف يوم من أيام الدنيا وأيضاً الملائكة يعرجون إلى مواضع لو أراد واحد من أهل الدنيا أن يصعد إليها لبقي في ذلك الصعود خمسين ألف سنة ثم إنهم يصعدون إليها في ساعة قليلة وهذا قول وهب وجماعة من المفسرين القول الثالث وهو قول أبي مسلم إن هذا اليوم هو يوم الدنيا كلها من أول ما خلق الله إلى آخر الفناء فبين تعالى أنه لا بد في يوم الدنيا من عروج الملائكة ونزولهم وهذا اليوم مقدر بخمسين ألف سنة ثم لا يلزم على هذا أن يصير وقت القيامة معلوماً لأنا لا ندري كم مضى وكم بقي القول الرابع تقدير الآية سأل سائل بعذاب واقع من الله في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم يحتمل أن يكون المراد منه استطالة ذلك اليوم لشدته على الكفار ويحتمل أن يكون المراد تقدير مدته وعلى هذا فليس المراد تقدير العذاب بهذا المقدار بل المراد التنبيه على طول مدة العذاب ويحتمل أيضاً أن العذاب الذي سأله ذلك السائل يكون مقدراً بهذه المدة ثم إنه تعالى ينقله إلى نوع آخر من العذاب بعد ذلك فإن قيل روى ابن أبي مليكة أن ابن عباس سئل عن هذه الآية وعن قوله فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَة ٍ ( السجدة ٥ ) فقال أيام سماها الله تعالى هو أعلم بها كيف تكون وأكره أن أقول فيها مالا أعلم فإن قيل فما قولكم في التوفيق بين هاتين الآيتين قلنا قال وهب في الجواب عن هذا ما بين أسفل العالم إلى أعلى شرفات العرش مسيرة خمسين ألف سنة ومن أعلى السماء الدنيا إلى الأرض مسيرة ألف سنة لأن عرض كل سماء مسيرة خمسمائة سنة وما بين أسفل السماء إلى قرار الأرض خمسمائة أخرى فقوله تعالى فِى يَوْمٍ يريد من أيام الدنيا وهو مقدار ألف سنة لو صعدوا فيه إلى سماء الدنيا ومقدار ألف سنة لو صعدوا إلى أعالي العرش
فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً
فيه مسألتان
المسألة الأولى اعلم أن هذا متعلق بسأل سائل لأن استعجال النضر بالعذاب إنما كان على وجه الاستهزاء برسول الله والتكذيب بالوحي وكان ذلك مما يضجر رسول الله ( ﷺ ) فأمر بالصبر عليه وكذلك من يسأل عن العذاب لمن هو فإنما يسأل على طريق التعنت من كفار مكة ومن قرأ سَأَلَ سَائِلٌ فمعناه جاء العذاب لقرب وقوعه فاصبر فقد جاء وقت الانتقام
المسألة الثانية قال الكلبي هذه الآية نزلت قبل أن يؤمر الرسول بالقتال
إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَرَاهُ قَرِيباً
الضمير في يَرَوْنَهُ إلى ماذا يعود فيه وجهان الأول أنه عائد إلى العذاب الواقع والثاني أنه عائد إلى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَة ٍ ( المعارج ٤ ) أي يستبعدونه على جهة الإحالة و نحن يَكُونَ قَرِيبًا هيناً في


الصفحة التالية
Icon