قدرتنا غير بعيد علينا ولا متعذر فالمراد بالبعيد البعيد من الإمكان وبالقريب القريب منه
يَوْمَ تَكُونُ السَّمَآءُ كَالْمُهْلِ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ وَلاَ يَسْألُ حَمِيمٌ حَمِيماً
فيه مسألتان
المسألة الأولى يَوْمَ تَكُونُ منصوب بماذا فيه وجوه أحدها بقريباً والتقدير ونراه قريباً يوم تكون السماء كالمهل أي يمكن ولا يتعذر في ذلك اليوم وثانيها التقدير سأل سائل بعذاب واقع يوم تكون السماء كالمهل والثالث التقدير يوم تكون السماء كالمهل كان كذا وكذا والرابع أن يكون بدلاً من يوم والتقدير سأل سائل بعذاب واقع في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة يوم تكون السماء كالمهل
المسألة الثانية أنه ذكر لذلك اليوم صفات
الصفة الأولى أن السماء تكون فيه كالمهل وذكرنا تفسير المهل عند قوله بِمَاء كَالْمُهْلِ قال ابن عباس كدردى الزيت وروى عنه عطاء كعكر القطران وقال الحسن مثل الفضة إذا أذيبت وهو قول ابن مسعود
الصفة الثانية أن تكون الجبال فيه كالعهن ومعنى العهن في اللغة الصوف المصبوغ ألواناً وإنما وقع التشبيه به لأن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود فإذا بست وطيرت في الجو أشبهت العهن المنفوش إذا طيرته الريح
الصفة الثالثة قوله وَلاَ يَسْئَلُ حَمِيمٌ وفيه مسألتان
المسألة الأولى قال ابن عباس الحميم القريب الذي يعصب له وعدم السؤال إنما كان لاشتغال كل أحد بنفسه وهو كقوله تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَة ٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ ( الحج ٢ ) وقوله يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْء مِنْ أَخِيهِ إلى قوله لِكُلّ امْرِىء مّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ( عبس ٣٧ ) ثم في الآية وجوه أحدها أن يكون التقدير لا يسأل حميم عن حميمه فحذف الجار وأوصل الفعل الثاني لا يسأل حميم حميمه كيف حالك ولا يكلمه لأن لكل أحد ما يشغله عن هذا الكلام الثالث لا يسأل حميم حميماً شفاعة ولا يسأل حميم حميماً إحساناً إليه ولا رفقاً به
المسألة الثانية قرأ ابن كثير وَلاَ يَسْئَلُ بضم الياء والمعنى لا يسأل حميم عن حميمه ليتعرف شأنه من جهته كما يتعرف خبر الصديق من جهة صديقه وهذا أيضاً على حذف الجار قال الفراء أي لا يقال لحميم أين حميمك ولست أحب هذه القراءة لأنها مخالفة لما أجمع عليه القراء
يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ
قوله تعالى يُبَصَّرُونَهُمْ يقال بصرت به أبصر قال تعالى بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ ( طه ٩٦ ) ويقال بصرت زيد بكذا فإذا حذفت الجار قلت بصرني زيد كذا فإذا أثبت الفعل للمفعول به وقد حذفت الجار


الصفحة التالية
Icon