وطلب من ذاته أن يلعنهم ويخزيهم وتعليم للمؤمنين أن يدعوا بذلك و أَنَّى يُؤْفَكُونَ أي يعدلون عن الحق تعجباً من جهلهم وضلالتهم وظنهم الفاسد أنهم على الحق
وقوله تعالى وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ قال الكلبي لما نزل القرآن على الرسول ( ﷺ ) بصفة المنافقين مشى إليه عشائرهم من المؤمنين وقالوا لهم ويلكم افتضحتم بالنفاق وأهلكتم أنفسكم فأتوا رسول الله وتوبوا إليه من النفاق واسألوه أن يستغفر لكم فأبوا ذلك وزهدوا في الاستغفار فنزلت وقال ابن عباس لما رجع عبد الله بن أبي من أحد بكثير من الناس مقته المسلمون وعنفوه وأسمعوه المكروه فقال له بنو أبيه لو أتيت رسول ( ﷺ ) حتى يستغفر لك ويرضى عنك فقال لا أذهب إليه ولا أريد أن يستغفر لي وجعل يلوي رأسه فنزلت وعند الأكثرين إنما دعى إلى الاستغفار لأنه قال لَيُخْرِجَنَّ الاْعَزُّ مِنْهَا الاْذَلَّ ( المنافقون ٨ ) وقال لاَ تُنفِقُواْ عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ ( المنافقون ٧ ) فقيل له تعال يستغفر لك رسول الله فقال ماذا قلت فذلك قوله تعالى لَوَّوْاْ رُءوسَهُمْ وقرىء لَوَّوْاْ بالتخفيف والتشديد للكثرة والكناية قد تجعل جمعاً والمقصود واحد وهو كثير في أشعار العرب قال جرير لا بارك الله فيمن كان يحسبكم
إلا على العهد حتى كان ما كانا
وإنما خاطب بهذا امرأة وقوله تعالى وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ أي عن استغفار رسول الله ( ﷺ ) ذكر تعالى أن استغفاره لا ينفعهم فقال سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ قال قتادة نزلت هذه الآية بعد قوله اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ وذلك لأنها لما نزلت قال رسول الله ( ﷺ ) ( خيرني ربي فلأزيدنهم على السبعين ) فأنزل الله تعالى لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ قال ابن عباس المنافقين وقال قوم فيه بيان أن الله تعالى يملك هداية وراء هداية البيان وهي خلق فعل الاهتداء فيمن علم منه ذلك وقيل معناه لا يهديهم لفسقهم وقالت المعتزلة لا يسميهم المهتدين إذا فسقوا وضلوا وفي الآية مباحث
البحث الأول لم شبههم بالخشب المسندة لا بغيره من الأشياء المنتفع بها نقول لاشتمال هذا التشبيه على فوائد كثيرة لا توجد في الغير الأولى قال في ( الكشاف ) شبهوا في استنادهم وما هم إلا أجرام خالية عن الإيمان والخير بالخشب المسندة إلى الحائط ولأن الخشب إذا انتفع به كان في سقف أو جدار أو غيرهما من مظان الانتفاع وما دام متروكاً فارغاً غير منتفع به أسند إلى الحائط فشبهوا به في عدم الانتفاع ويجوز أن يراد بها الأصنام المنحوتة من الخشب المسندة إلى الحائط شبهوا بها في حسن صورهم وقلة جداوهم الثانية الخشب المسندة في الأصل كانت غصناً طرياً يصلح لأن يكون من الأشياء المنتفع بها ثم تصير غليظة يابسة والكافر والمنافق كذلك كان في الأصل صالحاً لكذا وكذا ثم يخرج عن تلك الصلاحية الثالثة الكفرة من جنس الإنس حطب كما قال تعالى حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ ( الأنبياء ٩٨ ) والخشب المسندة حطب أيضاً الرابعة أن الخشب المسندة إلى الحائط أحد طرفيها إلى جهة والآخر إلى جهة أخرى والمنافقون كذلك لأن المنافق أحد طرفيه وهو الباطن إلى جهة أهل الكفر والطرف الآخر وهو الظاهر إلى جهة أهل الإسلام الخامسة المعتمد عليه الخشب المسندة ما يكون من الجمادات والنباتات والمعتمد عليه للمنافقين كذلك وإذا كانوا من المشركين إذ هو الأصنام إنها من الجمادات أو النباتات
الثاني من المباحث أنه تعالى شبهم بالخشب المسندة ثم قال من بعد ما ينافي هذا التشبيه وهو


الصفحة التالية
Icon