قوله تعالى يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَة ٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ ( المنافقون ٤ ) والخشب المسندة لا يحسبون أصلاً نقول لا يلزم أن يكون المشبه والمشبه به يشتركان في جميع الأوصاف فهم كالخشب المسندة بالنسبة إلى الانتفاع وعدم الانتفاع وليسوا كالخشب المسندة بالنسبة إلى الاستماع وعدم الاستماع للصيحة وغيرها
الثالث قال تعالى إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ولم يقل القوم الكافرين أو المنافقين أو المستكبرين مع أن كل واحد منهم من جملة ما سبق ذكره نقول كل أحد من تلك الأقوام داخل تحت قوله الْفَاسِقِينَ أي الذين سبق ذكرهم وهم الكافرون والمنافقون والمستكبرون
هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُواْ عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّواْ وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ السَّمَاوَاتِ والأرض وَلَاكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى الْمَدِينَة ِ لَيُخْرِجَنَّ الاٌّ عَزُّ مِنْهَا الاٌّ ذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّة ُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَاكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ
أخبر الله تعالى بشنيع مقالتهم فقال هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ كذا وكذا وينفضوا أي يتفرقوا وقرىء حَتَّى يَنفَضُّواْ من أنفض القوم إذا فنيت أزوادهم قال المفسرون اقتتل أجير عمر مع أجير عبد الله بن أبي في بعض الغزوات فأسمع أجير عمر عبد الله بن أبي المكروه واشتد عليه لسانه فغضب عبد الله وعنده رهط من قومه فقال أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل يعني بالأعز نفسه وبالأذل رسول الله ( ﷺ ) ثم أقبل على قومه فقال لو أمسكتم النفقة عن هؤلاء يعني المهاجرين لأوشكوا أن يتحولوا عن دياركم وبلادكم فلا تنفقوا عليهم حتى ينفضوا من حول محمد فنزلت وقرىء لَيُخْرِجَنَّ بفتح الياء وقرأ الحسن وابن أبي عيلة لَنَخْرُجَنَّ بالنون ونصب الأعز والأذل وقوله تعالى وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ قال مقاتل يعني مفاتيح الرزق والمطر والنبات والمعنى أن الله هو الرزاق قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مّنَ السَّمَاء وَالاْرْضِ ( يونس ٣١ ) وقال أهل المعاني خزائن الله تعالى مقدوراته لأن فيها كل ما يشاء مما يريد إخراجه وقال الجنيد خزائن الله تعالى في السموات الغيوب وفي الأرض القلوب وهو علام الغيوب ومقلب القلوب وقوله تعالى وَلَاكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ أي لا يفقهون أن أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ( ي س ٨٢ ) وقوله يقولون لَئِن رَّجَعْنَا أي من تلك الغزوة وهي غزوة بني المصطلق إلى المدينة فرد الله تعالى عليه وقال وَلِلَّهِ الْعِزَّة ُ أي الغلبة والقوة ولمن أعزه الله وأيده من رسوله ومن المؤمنين وعزهم بنصرته إياهم وإظهار دينهم على سائر الأديان وأعلم رسوله بذلك ولكن المنافقين لا يعلمون ذلك ولو علموه ما قالوا مقالتهم هذه قال صاحب ( الكشاف ) وَلِلَّهِ الْعِزَّة ُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وهم الأخصاء بذلك كما أن المذلة والهوان للشيطان وذويه من الكافرين والمنافقين وعن بعض الصالحات وكانت في هيئة رثة ألست على الإسلام وهو العز الذي لا ذل معه والغنى الذي لا فقر معه وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما أن رجلاً قال له إن الناس يزعمون أن


الصفحة التالية
Icon