تنكير التفخيم كأنه قيل تكفت أحياء لا يعدون وأمواتاً لا يحصرون
السؤال الثاني هل تدل هذه الآية على وجوب قطع النباش الجواب نقل القفال أن ربيعة قال دلت الآية على أن الأرض كفات الميت فتكون حرزاً له والسارق من الحرز يجب عليه القطع
النوع الثاني من النعم المذكورة في هذه الآية قوله تعالى وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِى َ شَامِخَاتٍ فقوله رَوَاسِى َ أي ثوابت على ظهر الأرض لا تزول و شَامِخَاتٍ أي عاليات وكل عال فهو شامخ ويقال للمتكبر شامخ بأنفه ومنافع خلقة الجبال قد تقدمت في هذا الكتاب
النوع الثالث من النعم قوله تعالى وَأَسْقَيْنَاكُم مَّاء فُرَاتاً الفرات هو الغاية في العذوبة وقد تقدم تفسيره في قوله هَاذَا عَذَابٌ فُرَاتٌ
انطَلِقُوا إِلَى مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِى ثَلَاثِ شُعَبٍ لاَّ ظَلِيلٍ وَلاَ يُغْنِى مِنَ اللَّهَبِ إِنَّهَا تَرْمِى بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمَالَة ٌ صُفْرٌ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ
اعلم أن هذا هو النوع الخامس من وجوه تخويف الكفار وهو بيان كيفية عذابهم في الآخرة فأما قوله انطَلِقُواْ إِلَى مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذّبُونَ فالمعنى أنه يقال لهم انطَلِقُواْ إِلَى مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذّبُونَ من العذاب والظاهر أن القائلين هم خزنة النار وانطلقوا الثاني تكرير وقرأ يعقوب تُكَذّبُونَ انطَلِقُواْ على لفظ الماضي والمعنى أنهم انقادوا للأمر لأجل أنهم مضطرون إليه لا يستطيعون امتناعاً منه وهذا بعيد لأنه كان ينبغي أن يقال فانطلقوا بالفاء ليرتبط آخر الكلام بأوله قال المفسرون إن الشمس تقرب يوم القيامة من رؤوس الخلائق وليس عليهم يومئذ لباس ولا كنان فتلفحهم الشمس وتسفعهم وتأخذ بأنفاسهم ويمتد ذلك اليوم ثم ينجي الله برحمته من يشاء إلى ظل من ظله فهناك يقولون فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ويقال للمكذبين انطَلِقُواْ إِلَى مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذّبُونَ من عذاب الله وعقابه وقوله إِلَى ظِلّ يعني دخان جهنم كقوله وَظِلّ مّن يَحْمُومٍ ثم إنه تعالى وصف هذا الظل بصفات
الصفة الأولى قوله ذِى ثَلَاثِ شُعَبٍ وفيه وجوه أحدها قال الحسن ما أدري ما هذا الظل ولا سمعت فيه شيئاً وثانيها قال قوم المراد بقوله إلى ظل ذي ثلاث شعب كون النار من فوقهم ومن تحت أرجلهم ومحيطة بهم وتسمية النار بالظل مجاز من حيث إنها محيطة بهم من كل جانب كقوله لَهُمْ مّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ وقال تعالى يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وثالثها قال قتادة بل المراد الدخان وهو من قوله أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وسرادق النار هو الدخان ثم إن شعبة من ذلك الدخان على يمينه وشعبة أخرى على يساره وشعبة ثالثة من فوقه وأقول هذا غير مستبعد لأن الغضب عن يمينه والشهوة عن شماله والقوة الشيطانية في دماغه ومنبع جميع الآفاق الصادرة عن الإنسان في عقائده وفي أعماله ليس إلا هذه الثلاثة فتولدت من


الصفحة التالية
Icon