البحث الثالث قوله مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ يوهم التكرار والمسلمات والمؤمنات على السواء نقول الإسلام هو التصديق باللسان والإيمان هو التصديق بالقلب وقد لا يتوافقان فقوله مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ تحقيق للتصديق بالقلب واللسان
البحث الرابع قال تعالى ثَيّبَاتٍ وَأَبْكَاراً بواو العطف ولم يقل فيما عداهما بواو العطف نقول قال في ( الكشاف ) إنها صفتان متنافيتان لا يجتمعن فيهما اجتماعهن في سائر الصفات ( فلم يكن بد من الواو )
البحث الخامس ذكر الثيبات في مقام المدح وهي من جملة ما يقلل رغبة الرجال إليهن نقول يمكن أن يكون البعض من الثيب خيراً بالنسبة إلى البعض من الأبكار عند الرسول لاختصاصهن بالمال والجمال أو النسب أو المجموع مثلاً وإذا كان كذلك فلا يقدح ذكر الثيب في المدح لجواز أن يكون المراد مثل ما ذكرناه من الثيب
ثم قال تعالى
ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَة ُ عَلَيْهَا مَلَائِكَة ٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ياأَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَعْتَذِرُواْ الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
قُواْ أَنفُسَكُمْ أي بالانتهاء عما نهاكم الله تعالى عنه وقال مقاتل أن يؤدب المسلم نفسه وأهله فيأمرهم بالخير وينهاهم عن الشر وقال في ( الكشاف ) قُواْ أَنفُسَكُمْ بترك المعاصي وفعل الطاعات وَأَهْلِيكُمْ بأن تؤاخذوهم بما تؤاخذون به أنفسكم وقيل قُواْ أَنفُسَكُمْ مما تدعو إليه أنفسكم إذ الأنفس تأمرهم بالشر وقرىء وأهلوكم عطفاً على واو ءامَنُواْ قُواْ وحسن العطف للفاصل و نَارًا نوعاً من النار لا يتقد إلا بالناس والحجارة وعن ابن عباس هي حجارة الكبريت لأنها أشد الأشياء حراً إذا أوقد عليها وقرىء وَقُودُهَا بالضم وقوله عَلَيْهَا مَلَئِكَة ٌ يعني الزبانية التسعة عشر وأعوانهم غِلاَظٌ شِدَادٌ في أجرامهم غلظة وشدة أي جفاء وقوة أو في أفعالهم جفاء وخشونة ولا يبعد أن يكونوا بهذه الصفات في خلقهم أو في أفعالهم بأن يكونوا أشداء على أعداء الله رحماء على أولياء الله كما قال تعالى أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ ( الفتح ٢٩ ) وقوله تعالى وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ يدل على اشتدادهم لمكان الأمر لا تأخذهم رأفة في تنفيذ أوامر الله تعالى والانتقام من أعدائه وفيه إشارة إلى أن الملائكة مكلفون في الآخرة بما أمرهم الله تعالى به وبما ينهاهم عنه والعصيان منهم مخالفة للأمر والنهي
وقوله تعالى يُؤْمَرُونَ يأَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَعْتَذِرُواْ الْيَوْمَ لما ذكر شدة العذاب بالنار واشتداد الملائكة في


الصفحة التالية
Icon