في كتاب الله العمل قال تعالى وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِى الاْرْضِ ( البقرة ٢٠٥ ) وَأَنْ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ( الليل ٤ ) أي العمل وروي عنه ( ﷺ ) ( إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون ولكن ائتوها وعليكم السكينة ) واتفق الفقهاء على ( أن النبي ( ﷺ ) ( كان ) متى أتى الجمعة أتى على هينة ) وقوله إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ الذكر هو الخطبة عند الأكثر من أهل التفسير وقيل هو الصلاة وأما الأحكام المتعلقة بهذه الآية فإنها تعرف من الكتب الفقهية وقوله تعالى وَذَرُواْ الْبَيْعَ قال الحسن إذا أذن المؤذن يوم الجمعة لم يحل الشراء والبيع وقال عطاء إذا زالت الشمس حرم البيع والشراء وقال الفراء إنما حرم البيع والشراء إذا نودي للصلاة لمكان الاجتماع ولندرك له كافة الحسنات وقوله تعالى ذالِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ أي في الآخرة إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ما هو خير لكم وأصلح وقوله تعالى فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَواة ُ أي إذا صليتم الفريضة يوم الجمعة فَانتَشِرُواْ فِى الاْرْضِ هذا صيغة الأمر بمعنى الإباحة لما أن إباحة الانتشار زائلة بفرضية أداء الصلاة فإذا زال ذلك عادت الإباحة فيباح لهم أن يتفرقوا في الأرض ويبتغوا من فضل الله وهو الرزق ونظيره لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مّن رَّبّكُمْ ( البقرة ١٩٨ ) وقال ابن عباس إذا فرغت من الصلاة فإن شئت فاخرج وإن شئت فصل إلى العصر وإن شئت فاقعد كذلك قوله وَابْتَغُواْ مِن فَضْلِ اللَّهِ فإنه صيغة أمر بمعنى الإباحة أيضاً لجلب الرزق بالتجارة بعد المنع بقوله تعالى وَذَرُواْ الْبَيْعَ وعن مقاتل أحل لهم ابتغاء الرزق بعد الصلاة فمن شاء خرج ومن شاء لم يخرج وقال مجاهد إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل وقال الضحاك هو إذن من الله تعالى إذا فرغ فإن شاء خرج وإن شاء قعد والأفضل في الابتغاء من فضل الله أن يطلب الرزق أو الولد الصالح أو العلم النافع وغير ذلك من الأمور الحسنة والظاهر هو الأول وعن عراك بن مالك أنه كان إذا صلى الجمعة انصرف فوقف على باب المسجد ( و ) قال اللهم أجبت دعوتك وصليت فريضتك وانتشرت كما أمرتني فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين وقوله تعالى وَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَثِيراً قال مقاتل باللسان وقال سعيد بن جبير بالطاعة وقال مجاهد لا يكون من الذاكرين كثيراً حتى يذكره قائماً وقاعداً ومضطجعاً والمعنى إذا رجعتم إلى التجارة وانصرفتم إلى البيع والشراء مرة أخرى فاذكروا الله كثيراً قال تعالى رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَة ٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وعن عمر رضي الله عنه عن النبي ( ﷺ ) ( إذا أتيتم السوق فقولوا لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير فإن من قالها كتب الله له ألف ألف حسنة وحط عنه ألف ألف خطيئة ورفع له ألف ألف درجة ) وقوله تعالى لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ من جملة ما قد مر مراراً وفي الآية مباحث
البحث الأول ما الحكمة في أن شرع الله تعالى في يوم الجمعة هذا التكليف فنقول قال القفال هي أن الله عز وجل خلق الخلق فأخرجهم من العدم إلى الوجود وجعل منهم جماداً ونامياً وحيواناً فكان ما سوى الجماد أصنافاً منها بهائم وملائكة وجن وإنس ثم هي مختلفة المساكن من العلو والسفل فكان أشرف العالم السفلي هم الناس لعجيب تركيبهم ولما كرمهم الله تعالى به من النطق وركب فيهم من العقول والطباع التي بها غاية التعبد بالشرائع ولم يخف موضع عظم المنة وجلالة قدر الموهبة لهم فأمروا بالشكر على هذه الكرامة في يوم من الأيام السبعة التي فيها أنشئت الخلائق وتم وجودها ليكون في اجتماعهم في ذلك اليوم تنبيه على عظم ماأنعم الله تعالى به عليهم وإذا كان شأنهم لم يخل من حين ابتدئوا من نعمة تتخللهم وإن منة الله مثبتة عليهم قبل استحقاقهم لها ولكل أهل ملة من الملل المعروفة


الصفحة التالية
Icon