صادق وفي قوله أَهَانَنِ غير صادق فهو ظن قلة الدنيا وتقتيرها إهانة وهذا جهل واعتقاد فاسد فكيف يحكي الله سبحانه ذلك عنه
السؤال السادس ما معنى قوله فقدر عليه رزقه الجواب ضيق عليه بأن جعله على مقدار البلغة وقرىء فقدر على التخفيف وبالتشديد أي قتر وأكرمن وأهانن بسكون النون في الوقف فيمن ترك الياء في الدرج مكتفياً منها بالكسرة
كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً
واعلم أنه تعالى لما حكى عنهم تلك الشبهة قال كَلاَّ وهو ردع للإنسان عن تلك المقالة قال ابن عباس المعنى لم ابتله بالغنى لكرامته علي ولم أبتله بالفقر لهوانه علي بل ذلك إما على مذهب أهل السنة فمن محض القضاء أو القدر والمشيئة والحكم الذي تنزه عن التعليل بالعلل وإما على مذهب المعتزلة فبسبب مصالح خفية لا يطلع عليها إلا هو فقد يوسع على الكافر لا لكرامته ويقتر على المؤمن لا لهوانه ثم إنه تعالى لما حكى من أقوالهم تلك الشبهة فكأنه قال بل لهم فعل هو شر من هذا القول وهو أن الله تعالى يكرمهم بكثرة المال فلا يؤدون ما يلزمهم فيه من إكرام اليتيم فقال بَل لاَّ تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ وفيه مسائل
المسألة الأولى قرأ أبو عمرو يكرمون وما بعده بالياء المنقوطة من تحت وذلك أنه لما تقدم ذكر الإنسان وكان يراد به الجنس والكثرة وهو على لفظة الغيبة حمل يكرمون ويحبون عليه ومن قرأ بالتاء فالتقدير قل لهم يا محمد ذلك
المسألة الثانية قال مقاتل كان قدامة بن مظعون يتيماً في حجر أمية بن خلف فكان يدفعه عن حقه
واعلم أن ترك إكرام اليتيم على وجوه أحدها ترك بره وإليه الإشارة بقوله الْيَتِيمَ وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ والثاني دفعه عن حقه الثابت له في الميراث وأكل ماله وإليه الإشارة بقوله تعالى وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً والثالث أخذ ماله منه وإليه الإشارة بقوله وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً أي تأخذون أموال اليتامى وتضمونها إلى أموالكم أما قوله وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ قال مقاتل ولا تطعمون مسكيناً والمعنى لا تأمرون بإطعامه كقوله تعالى إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ( الحاقة ٣٤ ٣٣ ) ومن قرأ ولا تحاضون أراد تتحاضون فحذف تاء تتفاعلون والمعنى يَحُضُّ بَّعْضُكُم بَعْضاً وَفِى لاَّ تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ وَلاَ تَحَاضُّونَ بضم التاء من المحاضة
أما قوله وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً ففيه مسائل


الصفحة التالية
Icon