المسألة الأولى قالوا أصل التراث وراث والتاء تبدل من الواو المضمومة نحو تجاه ووجاه من واجهت
المسألة الثانية قال الليث اللم الجمع الشديد ومنه كتيبة ملمومة وحجر ملموم والآكل يلم الثريد فيجعله لقماً ثم يأكله ويقال لممت ما على الخوان ألمه أي أكلته أجمع فمعنى اللم في اللغة الجمع وأما التفسير ففيه وجوه أحدها قال الواحدي والمفسرون يقولون في قوله أَكْلاً لَّمّاً أي شديداً وهو حل معنى وليس بتفسير وتفسيره أن اللم مصدر جعل نعتاً للأكل والمراد به الفاعل أي آكلاً لامّاً أي جائعاً كأنهم يستوعبونه بالأكل قال الزجاج كانوا يأكلون أموال اليتامى إسرافاً وبداراً فقال الله وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً أي تراث اليتامى لماً أي تلمون جميعه وقال الحسن أي يأكلون نصيبهم ونصيب صاحبهم فيجمعون نصيب غيرهم إلى نصيبهم وثانيها أن المال الذي يبقى من الميت بعضه حلال وبعضه شبهة وبعضه حرام فالوارث يلم الكل أي يضم البعض إلى البعض ويأخذ الكل ويأكله وثالثها قال صاحب ( الكشاف ) ويجوز أن يكون الذم متوجهاً إلى الوارث الذي ظفر بالمال سهلاً مهلاً من غير أن يعرق فيه جبينه فيسرف في إنفاقه ويأكله أكلاً لماً واسعاً جامعاً بين ألوان المشتهيات من الأطعمة والأشربة والفواكه كما يفعله الوراث البطالون
أما قوله تعالى وَّيُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً فاعلم أن الجم هو الكثرة يقال جم الشيء يجم جموماً يقال ذلك في المال وغيره فهو شيء جم وجام وقال أبو عمرو جم يجم أي يكثر والمعنى ويحبون المال حباً كثيراً شديداً فبين أن حرصهم على الدنيا فقط وأنهم عادلون عن أمر الآخرة
كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ الأرض دَكّاً دَكّاً وَجَآءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً وَجِى ءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى
اعلم أن قوله كَلاَّ ردع لهم عن ذلك وإنكار لفعلهم أي لا ينبغي أن يكون الأمر هكذا في الحرص على الدنيا وقصر الهمة والجهاد على تحصيلها والاتكال عليها وترك المواساة منها وجمعها من حيث تتهيأ من حل أو حرام وتوهم أن لا حساب ولا جزاء فإن من كان هذا حاله يندم حين لا تنفعه الندامة ويتمنى أن لو كان أفنى عمره في التقرب بالأعمال الصالحة والمواساة من المال إلى الله تعالى ثم بين أنه إذا جاء يوم موصوف بصفات ثلاثة فإنه يحصل ذلك التمني وتلك الندامة
الصفة الأولى من صفات ذلك اليوم قوله إِذَا دُكَّتِ الاْرْضُ دَكّاً دَكّاً قال الخليل الدك كسر الحائط والجبل والدكداك رمل متلبد ورجل مدك شديد الوطء على الأرض وقال المبرد الدك حط المرتفع بالبسط واندك سنام البعير إذا انفرش في ظهره وناقة دكاء إذا كانت كذلك ومنه الدكان لاستوائه في الانفراش فمعنى الدك على قول الخليل كسر كل شيء على وجه الأرض من جبل أو شجر حين زلزلت فلم


الصفحة التالية
Icon