ذِى قُوَّة ٍ عِندَ ذِى الْعَرْشِ مَكِينٍ
وثالثها قوله ذِى قُوَّة ٍ ثم منهم من حمله على الشدة روى أنه عليه الصلاة والسلام قال لجبريل ( ذكر الله قوتك فماذا بلغت قال رفعت قريات قوم لوط الأربع على قوادم جناحي حتى إذا سمع أهل السماء نباح الكلاب وأصوات الدجاج قلبتها ) وذكر مقاتل أن شيطاناً يقال له الأبيض صاحب الأنبياء قصد أن يفتن النبي ( ﷺ ) فدفعه جبريل دفعة رقيقة وقع بها من مكة إلى أقصى الهند ومنهم من حمله على القوة في أداء طاعة الله وترك الإخلال بها من أول الخلق إلى آخر زمان التكليف وعلى القوة في معرفة الله وفي مطالعة جلال الله
ورابعها قوله تعالى عِندَ ذِى الْعَرْشِ مَكِينٍ وهذه العندية ليست عندية المكان مثل قوله وَمَنْ عِنْدَهُ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ وليست عندية الجهة بدليل قوله ( أنا عند المنكسرة قلوبهم ) بل عندية الإكرام والتشريف والتعظيم وأما مَّكِينٍ فقال الكسائي يقال قد مكن فلان عند فلان بضم الكاف مكناً ومكانة فعلى هذا المكين هو ذو الجاه الذي يعطي ما يسأل
مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ
وخامسها قوله تعالى مُّطَاعٍ ثَمَّ اعلم أن قوله ثُمَّ إشارة إلى الظرف المذكور أعني عِندَ ذِى الْعَرْشِ ( التكوير ٢٠ ) والمعنى أنه عند الله مطاع في ملائكته المقربين يصدرون عن أمره ويرجعون إلى رأيه وقرىء ثُمَّ تعظيماً للأمانة وبياناً لأنها أفضل صفاته المعدودة
وسادسها قوله أَمِينٌ أي هو أَمِينٌ على وحي الله ورسالاته قد عصمه الله من الخيانة والزلل
وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ وَلَقَدْ رَءَاهُ بِالاٍّ فُقِ الْمُبِينِ وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ
ثم قال تعالى وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ واحتج بهذه الآية من فضل جبريل على محمد ( ﷺ ) فقال إنك إذا وازنت بين قوله إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِى قُوَّة ٍ عِندَ ذِى الْعَرْشِ مَكِينٍ مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ( التكوير ٢١ ١٩ ) وبين قوله وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ ظهر التفاوت العظيم وَلَقَدْ رَءاهُ بِالاْفُقِ الْمُبِينِ يعني حيث تطلع الشمس في قول الجميع وهذا مفسر في سورة النجم وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ أي وما محمد ( على الغيب بظنين ) والغيب ههنا القرآن وما فيه من الأنباء والقصص والظنين المتهم يقال ظننت زيدا في معنى اتهمته وليس من الظن الذي يتعدى إلى مفعولين والمعنى ما محمد على القرآن بمتهم أي هو ثقة فيما يؤدي عن الله ومن قرأ بالضاد فهو من البخل يقال ضننت به أضن أي بخلت والمعنى ليس ببخيل فيما أنزل الله قال الفراء يأتيه غيب السماء وهو شيء نفيس فلا يبخل به عليكم وقال أبو علي الفارسي المعنى أنه يخبر بالغيب فيبينه ولا يكتمه كما يكتم الكاهن ذلك ويمتنع من إعلامه حتى يأخذ عليه حلواناً واختار أبو عبيدة القراءة الأولى لوجهين أحدهما أن الكفار لم يبخلوه وإنما اتهموه فنفي التهمة أولى من نضي البخل وثانيها قوله والغيب ههنا القرآن وما فيه من الأنباء والقصص والظنين المتهم يقال ظننت زيدا في معنى اتهمته وليس من الظن الذي يتعدى إلى مفعولين والمعنى ما محمد على القرآن بمتهم أي هو ثقة فيما يؤدي عن الله ومن قرأ بالضاد فهو من البخل يقال ضننت به أضن أي بخلت والمعنى ليس ببخيل فيما أنزل الله قال الفراء يأتيه غيب السماء وهو شيء نفيس فلا يبخل به عليكم وقال أبو علي الفارسي المعنى أنه يخبر بالغيب فيبينه ولا يكتمه كما يكتم الكاهن ذلك ويمتنع من إعلامه حتى يأخذ عليه حلواناً واختار أبو عبيدة القراءة الأولى لوجهين أحدهما أن الكفار لم يبخلوه وإنما اتهموه فنفي التهمة أولى من نضي البخل وثانيها قوله عَلَى الْغَيْبِ ولو كان المراد البخل لقال بالغيب لأنه يقال فلان ضنين بكذا وقلما يقال على كذا
وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ
ثم قال تعالى وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ كان أهل مكة يقولون إن هذا القرآن يجيء به شيطان فيلقيه على لسانه فنفى الله ذلك فإن قيل القول بصحة النبوة موقوف على نفي هذا الاحتمال فكيف يمكن نفي هذا الاحتمال بالدليل السمعي قُلْنَا بينا أن على القول بالصرفة لا تتوقف صحة النبوة على نفي هذا الاحتمال فلا جرم يمكن نفي هذا الاحتمال بالدليل السمعي


الصفحة التالية
Icon