ما يليق به من الثواب عن عائشة رضي الله عنها قالت ( سمعت رسول الله ( ﷺ ) يقول اللهم حاسبني حساباً يسيراً قلت وما الحساب اليسير قال ينظر في كتابه ويتجاوز عن سيئاته فأما من نوقش في الحساب فقد هلك ) وعن عائشة قالت ( قال رسول الله ( ﷺ ) من نوقش الحساب فقد هلك ) فقلت يا رسول الله إن الله يقول فَأَمَّا مَنْ أُوتِى َ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً قال ( ذلك العرض ولكن من نوقش الحساب عذب ) وفي قوله يحاسب إشكال لأن المحاسبة تكون بين اثنين وليس في القيامة لأحد قبل ربه مطالبة فيحاسبه وجوابه أن العبد يقول إلهي فعلت المعصية الفلانية فكأن ذلك بين الرب والعبد محاسبة والدليل على أنه تعالى خص الكفار بأنه لا يكلمهم فدل ذلك على أنه يكلم المطيعين والعبد يكلمه فكانت المكالمة محاسبة
وَأَمَّا مَنْ أُوتِى َ كِتَابَهُ وَرَآءَ ظَهْرِهِ
أما قوله وَأَمَّا مَنْ أُوتِى َ كِتَابَهُ وَرَاء ظَهْرِهِ فللمفسرين فيه وجوه أحدها قال الكلبي السبب فيه لأن يمينه مغلولة إلى عنقه ويده اليسرى خلف ظهره وثانيها قال مجاهد تخلع يده اليسرى فتجعل من وراء ظهره وثالثها قال قوم يتحول وجهه في قفاه فيقرأ كتابه كذلك ورابعها أنه يؤتي كتابه بشماله من وراء ظهره لأنه إذا حاول أخذه بيمينه كالمؤمنين يمنع من ذلك وأوتي من وراء ظهره بشماله فإن قيل أليس أنه قال في سورة الحاقة وَأَمَّا مَنْ أُوتِى َ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ ( الحاقة ٢٥ ) ولم يذكر الظهر والجواب من وجهين أحدهما يحتمل أن يؤتى بشماله وراء ظهره على ما حكيناه عن الكلبي وثانيها أن يكون بعضهم يعطى بشماله وبعضهم من وراء ظهره
فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً
أما قوله فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً فاعلم أن الثبور هو الهلاك والمعنى أنه لما أوتي كتابه من غير يمينه علم أنه من أهل النار فيقول واثبوراه قال الفراء العرب تقول فلان يدعوا لهفه إذا قال والهفاه وفيه وجه آخر ذكره القفال فقال الثبور مشتق من المثابرة على شيء وهي المواظبة عليه فسمي هلاك الآخرة ثبور لأنه لازم لا يزول كما قال إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً ( الفرقان ٦٥ ) وأصل الغرام اللزوم والولوع
وَيَصْلَى سَعِيراً
أما قوله تعالى وَيَصْلَى سَعِيراً ففيه مسألتان
المسألة الأولى يقال صلى الكافر النار قال الله تعالى وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً ( النساء ١٠ ) وقال وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ( آل عمران ١١٥ ) وقال إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ ( الصافات ١ ) وقال لاَ يَصْلَاهَا إِلاَّ الاْشْقَى الَّذِى كَذَّبَ وَتَوَلَّى ( الليل ١٦ ١٥ ) والمعنى أنه إذا أعطى كتابه بشماله من وراء ظهره فإنه يدعو الثبور ثم يدخل النار وهو في النار أيضاً يدعو ثبوراً كما قال دَّعَوَا هُنَالِكَ ثُبُوراً ( الفرقان ١٣ ) وأحدهما لا ينفي الآخر وإنما هو على اجتماعهما قبل دخول النار وبعد دخولها نعوذ بالله منها ومما قرب إليها من قول أو عمل