اجتمعت هذه الأسباب في حقه تعالى فوعده مع الكرم وهو أرأف بعبده من الوالد بولده والمولى بعبده وهو ولي بحسب الملك ومولى بحسب السلطنة وقيوم للتدبير وواحد فرد لا ثاني له فوجب عليه وجوب الكرم نصرة عبده فلهذا قال إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ
أما قوله تعالى وَالْفَتْحُ ففيه مسائل
المسألة الأولى نقل عن ابن عباس أن الفتح هو فتح مكة وهو الفتح الذي يقال له فتح الفتوح روى أنه لما كان صلح الحديبية وانصرف رسول الله ( ﷺ ) أغار بعض من كان في عهد قريش على خزاعة وكانوا في عهد رسول الله ( ﷺ ) فجاء سفير ذلك القوم وأخبر رسول الله ( ﷺ ) فعظم ذلك عليه ثم قال أما إن هذا العارض ليخبرني أن الظفر يجيء من الله ثم قال لأصحابه أنظروا فإن أبا سفيان يجيء ويلتمس أن يجدد العهد فلم تمض ساعة أن جاء الرجل ملتمساً لذلك فلم يجبه الرسول ولا أكابر الصحابة فالتجأ إلى فاطمة فلم ينفعه ذلك ورجع إلى مكة آيساً وتجهز رسول الله ( ﷺ ) إلى المسير لمكة ثم يروى أن سارة مولاة بعض بني هاشم أتت المدينة فقال عليه السلام لها جئت مسلمة قالت لا لكن كنتم الموالي وبي حاجة فحث عليها رسول الله بني عبد المطلب فكسوها وحملوها وزودوها فأتاها حاطب بعشرة دنانير واستحملها كتاباً إلى مكة نسخته اعلموا أن رسول الله يريدكم فخذوا حذركم فخرجت سارة ونزل جبريل بالخبر فبعث رسول الله ( ﷺ ) علياً عليه السلام وعماراً في جماعة وأمرهم أن يأخذوا الكتاب وإلا فاضربوا عنقها فلما أدركوها جحدت وحلفت فسل علي عليه السلام سيفه وقال الله ما كذبنا فأخرجته من عقيصة شعرها واستحضر النبي حاطباً وقال ما حملك عليه فقال والله ما كفرت منذ أسلمت ولا أحببتهم منذ فارقتهم لكن كنت غريباً في قريش وكل من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة يحمون أهاليهم فخشيبت على أهلي فأردت أن أتخذ عندهم يداً فقال عمر دعني أضرب عنق هذا المنافق فقال وما يدريك يا عمر لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ففاضت عينا عمر ثم خرج رسول الله إلى أن نزل بمر الظهران وقدم العباس وأبو سفيان إليه فاستأذنا فأذن لعمه خاصة فقال أبو سفيان إما أن تأذن لي وإلا أذهب بولدي إلى المفازة فيموت جوعاً وعطشاً فرق قلبه فأذن له وقال له ألم يأن أن تسلم وتوحد فقال أظن أنه واحد ولو كان ههنا غير الله لنصرنا فقال ألم يأن أن تعرف أني رسوله فقال إن لي شكاً في ذلك فقال العباس أسلم قبل أن يقتلك عمر فقال وماذا أصنع بالعزى فقال عمر لولا أنك بين يدي رسول الله لضربت عنقك فقال يا محمد أليس الأولى أن تترك هؤلاء الأوباش وتصالح قومك وعشيرتك فسكان مكة عشيرتك وأقارب و ( لا ) تعرضهم للشن والغارة فقال عليه السلام هؤلاء نصروني وأعانوني وذبوا عن حريمي وأهل مكة أخرجوني وظلموني فإن هم أسروا فبسوء صنيعهم وأمر العباس بأن يذهب به ويوقفه على المرصاد ليطالع العسكر فكانتالكتيبة تمر عليه فيقول من هذا فيقول العباس هو فلان من أمراء الجند إلى أن جاءت الكتيبة الخضراء التي لا يرى منها إلا الحدق فسأل عنهم فقال العباس هذا رسول الله فقال لقد أوتي ابن أخيك ملكاً عظيماً فقال العباس هو النبوة فقال هيهات النبوة ثم تقدم