المسألة الثانية أم جميل بنت حرب أخت أبي سفيان بن حرب عمة معاوية وكانت في غاية العداوة لرسول الله ( ﷺ )
وذكروا في تفسير كونها حمالة الحطب وجوهاً أحدها أنها كانت تحمل حزمة من الشوك والحسك فتنثرها بالليل في طريق رسول الله فإن قيل إنها كانت من بيت العز فكيف يقال إنها حمالة الحطب قلنا لعلها كانت مع كثرة مالها خسيسة أو كانت لشدة عداوتها تحمل بنفسها الشوك والحطب لأجل أن تليقه في طريق رسول الله وثانيها أنها كانت تمشي بالنميمة يقال الممشاء بالنمائم المفسد بين الناس يحمل الحطب بينهم أي يوقد بينهم النائرة ويقال للمكثار هو حاطب ليل وثالثها قول قتادة أنها كانت تعير رسول الله بالفقر فعيرت بأنها كانت تحتطب والرابع قول أبي مسلم وسعيد بن جبير أن المراد ما حملت من الآثام في عداوة الرسول لأنه كالحطب في تصيرها إلى النار ونظيره أنه تعالى شبه فاعل الإثم بمن يمشي وعلى ظهره حمل قال تعالى فَقَدِ احْتَمَلُواْ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً وقال تعالى يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ وقال تعالى وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ
المسألة الثالثة امرأته إن رفعته ففيه وجهان أحدهما العطف على الضمير في سيصلى أي سيصلي هو وامرأته وفي جيدها في موضع الحال والثاني الرفع على الإبتداء وفي جيدها الخبر
المسألة الرابعة عن أسماء لما نزلت تُبْتُ جاءت أم جميل ولها ولولة وبيدها حجر فدخلت المسجد ورسول الله جالس ومعه أبو بكر وهي تقول
مذمماً قلينا ودينه أبينا وحكمه عصينا
فقال أبو بكر يا رسول الله قد أقبلت إليك فأنا أخاف أن تراك فقال عليه السلام ( إنها لا تراني ) وقرأ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرءانَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاْخِرَة ِ حِجَابًا مَّسْتُورًا وقالت لأبي بكر قد ذكر لي أن صاحبك هجاني فقال أبو بكر لا ورب هذا البيت ما هجاك فولت وهي تقول
قد علمت قريش أني بنت سيدها
وفي هذه الحكاية أبحاث
الأول كيف جاز في أم جميل أن لا ترى الرسول وترى أبا بكر والمكان واحد الجواب أما على قول أصحابنا فالسؤال زائل لأن عند حصول الشرائط يكون الإدراك جائزاً لا واجباً فإن خلق الله الإدراك رأى وإلا فلا وأما المعتزلة فذكروا فيه وجوهاً أحدها لعله عليه السلام أعرض وجهه عنها وولاها ظهره ثم إنها كانت لغاية غضبها لم تفتش أو لأن الله ألقى في قلبها خوفاً فصار ذلك صارفاً لها عن النظر وثانيها لعل الله تعالى ألقى شبه إنسان آخر على الرسول كما فعل ذلك بعيسى وثالثها لعل الله تعالى حول شعاع بصرها عن ذلك السمت حتى أنها ما رأته
واعلم أن الإشكال على الوجوه الثلاثة لازم لأن بهذه الوجوه عرفنا أنه يمكن أن يكون الشيء حاضر ولا نراه وإذا جوزنا ذلك فلم لا يجوز أن يكون عندنا فيلات وبوقات ولا نراها ولا نسمعها


الصفحة التالية
Icon