الأعظم هناك دون ههنا وثالثها أن اسم الرب يشير إلى التربية فكأنه جعل تربية الله له فيما تقدم وسيلة إلى تربيته له في الزمان الآتي أو كان العبد يقول التربية والإحسان حرفتك فلا تهملني ولا تخيب رجائي ورابعها أن بالتربية صار شارعاً في الإحسان والشروع ملزم وخامسها أن هذه السورة آخر سور القرآن فذكر لفظ الرب تنبيهاً على أنه سبحانه لا تنقطع عنك تربيته وإحسانه فإن قيل إنه ختم القرآن على اسم الإله حيث قال مَلِكِ النَّاسِ إِلَاهِ النَّاسِ قلنا فيه لطيفة وهي كونه تعالى قال قل أعوذ بمن هو ربي ولكنه إله قاهر لوسوسة الخناس فهو كالأب المشفق الذي يقول ارجع عند مهماتك إلى أبيك المشفق عليك الذي هو كالسيف القاطع والنار المحرقة لأعدائك فيكون هذا من أعظم أنواع الوعد بالإحسان والتربية وسادسها كان الحق قال لمحمد عليه السلام قلبك لي فلا تدخل فيه حب غيري ولسانك لي فلا نذكر به أحداً غيري وبدنك لي فلا تشغله بخدمة غيري وإن أردت شيئاً فلا تطلبه إلا مني فإن أردت العلم فقل رَّبّ زِدْنِى عِلْماً وإن أردت الدنيا فاسألوا الله من فضله وإن خفت ضرراً فقل أَعُوذُ بِرَبّ الْفَلَقِ فإني أنا الذي وصفت نفسي بأني خالق اوصباح وبأني فالق الحب والنوى وما فعلت هذه الأشياء إلا لأجلك فإذا كنت أفعل كل هذه الأمور لأجلك أفلا أصونك عن عن الآفات والمخافات
المسألة الرابعة ذكروا في الْفَلَقِ وجوهاً أحدها أنه الصبح وهو قول الأكثرين قال الزجاج لأن الليل يفلق عنه الصبح ويفرق فعل بمعنى مفعول يقال هو أبين من فلق الصبح ومن فرق الصبح وتخصيصه في التعوذ لوجوه الأول أن القادر على إزالة هذه الظلمات الشديدة عن كل هذا العالم يقدر أيضاً أن يدفع عن العائذ كل ما يخافه ويخشاه الثاني أن طلوع الصبح كالمثال لمجيء الفرج فكما أن الإنسان في الليل يكون منتظراً لطلوع الصباح كذلك الخائف يكون مترقياً لطلوع صباح النجاح الثالث أن الصبح كالبشري فإن الإنسان في الظلام يكون كلحم على وضم فإذا ظهر الصبح فكأنه صاح بالأمان وبشر بالفرج فلهذا السبب يجد كل مريض ومهموم خفة في وقت السحر فالحق سبحانه يقول قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ يعطي إنعام فلق الصبح قبل السؤال فكيف بعد السؤال الرابع قال بعضهم إن يوسف عليه السلام لما ألقى في الجب وجعت ركبته وجعاً شديداً فبات ليلته ساهراً فلما قرب طلوع الصبح نزل جبريل عليه السلام بإذن الله يسليه ويأمره بأن يدعوا ربه فقال يا جبريل ادع أنت وأؤمن أنا فدعا جبريل وأمن يوسف فكشف الله ما كان به من الضر فلما طاب وقت يوسف قال جبريل وأنا أدعو أيضاً وتؤمن أنت فسأل يوسف ربه أن يكشف الضر عن جميع أهل البلاء في ذلك الوقت فلا جرم ما من مريض إلا ويجد نوع خفة في آخر الليل وروى أن دعاءه في الجب يا عدتي في شدتي ويا مؤنسي في وحشتي ويا راحم غربتي ويا كاشف كربتي ويا مجيب دعوتي ويا إلهي وإله آبائي إبراهيم وإسحق ويعقوب ارحم صغر سني وضعف ركني وقلة حيلتي يا حي يا قوم يا ذا الجلال والإكرام الخامس لعل تخصيص الصبح بالذكر في هذا الموضع لأنه وقت دعاء المضطرين وإجابة الملهوفين فكأنه يقول قل أعوذ برب الوقت الذي يفرج فيه عن كل مهموم السادس يحتمل أنه خص الصبح بالذكر لأنه أنموذج من يوم القيامة لأن الخلق كالأموات والدور كالقبور ثم منهم من يخرج من داره مفلساً عرياناً لا يلتفت إليه ومنهم من كان مديوناً فيجر إلى الحبس ومنهم من كان ملكاً مطاعاً فتقدم إليه المراكب ويقوم الناس بين يديه كذا في يوم القيامة بعضهم مفلس عن الثواب عار عن لباس التقوى يجر إلى الملك الجبار ومن عبد كان مطيعاً لربه في الدنيا فصار ملكاً مطاعاً في العقبى


الصفحة التالية
Icon