قلنا قد بين الله المراد بذلك لأن زوج آدم إذا خلقت من بعضه ثم حصل خلق أولاده من نطفتهما ثم كذلك أبدا جازت إضافة الخلق أجمع الى آدم
المسألة الرابعة أجمع المسلمون على أن المراد بالنفس الواحدة ههنا هو آدم عليه السلام إلا أنه أنث الوصف على لفظ النفس ونظيره قوله تعالى أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّة ً بِغَيْرِ نَفْسٍ ( الكهف ٧٤ ) وقال الشاعر أبوك خليفة ولدته أخرى
فأنت خليفة ذاك الكمال
قالوا فهذا التأنيث على لفظ الخليفة
قوله تعالى وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا فيه مسائل
المسألة الأولى المراد من هذا الزوج هو حواء وفي كون حواء مخلوقة من آدم قولان الأول وهو الذي عليه الأكثرون أنه لما خلق الله آدم ألقى عليه النوم ثم خلق حواء من ضلع من أضلاعه اليسرى فلما استيقط رآها ومال اليها وألفها لأنها كانت مخلوقة من جزء من أجزائه واحتجوا عليه بقول النبي ( ﷺ ) ( ان المرأة خلقت من ضلع أعوج فان ذهبت تقيمها كسرتها وإن تركتها وفيها عوج استمتعت بها )
والقول الثاني وهو اختيار أبي مسلم الأصفهاني أن المراد من قوله وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا أي من جنسها وهو كقوله تعالى وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا ( النحل ٧٢ ) وكقوله إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مّنْ أَنفُسِهِمْ ( آل عمران ١٦٤ ) وقوله لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مّنْ أَنفُسِكُمْ ( التوبة ١٢٨ ) قال القاضي والقول الأول أقوى لكي يصح قوله خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ واحِدَة ٍ إذ لو كانت حواء مخلوقة ابتداء لكان الناس مخلوقين من نفسين لا من نفس واحدة ويمكن أن يجاب عنه بأن كلمة ( من ) لابتداء الغاية فلما كان ابتداء التخليق والايجاد وقع بآدم عليه السلام صح أن يقال خلقكم من نفس واحدة وأيضا فلما ثبت أنه تعالى قادر على خلق آدم من التراب كان قادرا أيضا على خلق حواء من التراب وإذا كان الأمر كذلك فأي فائدة في خلقها من ضلع من أضلاع آدم
المسألة الثانية قال ابن عباس إنما سمي آدم بهذا الاسم لأنه تعالى خلقه من أديم الأرض كلها أحمرها وأسودها وطيبها وخبيثها فلذلك كان في ولده الأحمر والأسود والطيب والخبيث والمرأة إنما سميت بحواء لأنها خلقت من ضلع من أضلاع آدم فكانت مخلوقة من شيء حي فلا جرم سميت بحواء
المسألة الثالثة احتج جمع من الطبائعيين بهذه الآية فقالوا قوله تعالى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ واحِدَة ٍ يدل على أن الخلق كلهم مخلوقون من النفس الواحدة وقوله وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا يدل على أن زوجها مخلوقة منها ثم قال في صفة آدم خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ( آل عمران ٥٩ ) فدل على أن آدم


الصفحة التالية
Icon