القفال رحمه الله ويجوز يتيم ويتامى كنديم وندامى ويجوز أيضا يتيم وأيتام كشريف وأشراف
المسألة الثالثة ههنا سؤال ثان وهو أنا ذكرنا أن اسم اليتيم مختص بالصغير فما دام يتيما لا يجوز دفع ماله اليه وإذا صار كبيراً بحيث يجوز دفع ماليه إليه لم يبق يتيما فكيف قال وَءاتُواْ الْيَتَامَى أَمْوالَهُمْ والجواب عنه على طريقين الأول أن نقول المراد من اليتامى الذين بلغوا او كبروا ثم فيه وجهان أحدهما أنه تعالى سماهم يتامى على مقتضى أصل اللغة والثاني أنه تعالى سماهم باليتامى لقرب عهدهم باليتم وان كان قد زال في هذا الوقت كقوله تعالى فَأُلْقِى َ السَّحَرَة ُ سَاجِدِينَ ( الأعراف ١٢٠ ) أي الذين كانوا سحرة قبل السجود وأيضاً سمى الله تعالى مقاربة انقضاء العدة بلوغ الاجل في قوله فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ ( الطلاق ٢ ) والمعنى مقاربة البلوغ ويدل على أن المراد من اليتامى في هذه الآية البالغون قوله تعالى فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ ( النساء ٦ ) والاشهاد لا يصح قبل البلوغ وانما يصح بعد البلوغ
الطريق الثاني أن نقول المراد باليتامى الصغار وعلى هذا الطريق ففي الآية وجهان أحدهما ان قوله وَأْتُواْ أمر والامر انما يتناول المستقبل فكان المعنى أن هؤلاء الذين هم يتامى في الحال آتوهم بعد زوال صفة اليتم عنهم أموالهم وعلى هذا الوجه زالت المناقضة والثاني المراد وآتوا اليتامى حال كونهم يتامى ما يحتاجون اليه لنفقتهم وكسوتهم والفائدة فيه انه كان يجوز أن يظن أنه لا يجوز إنفاق ماله عليه حال كونه صغيرا فأباح الله تعالى ذلك وفيه إشكال وهو انه لو كان المراد ذلك لقال وآتوهم من أموالهم فلما أوجب إيتاءهم كل أموالهم سقط ذلك
المسألة الرابعة نقل أبو بكر الرازي في أحكام القرآن عن الحسن أنه قال لما نزلت هذه الآية في أموال اليتامى كرهوا أن يخالطوهم وعزلوا أموال اليتامى عن أموالهم فشكوا ذلك الى النبي ( ﷺ ) فأنزل الله تعالى فِى الدُّنْيَا وَالاْخِرَة ِ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ ( البقرة ٢٢٠ ) قال أبو بكر الرازي وأظن أنه غلط من الراوي لان المراد بهذه الآية إيتاؤهم أموالهم بعد البلوغ وإنما غلط الراوي بآية أخرى وهو ما روى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لما أنزل الله وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِى هِى َ أَحْسَنُ ( البقرة ١٥٢ ) و إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتَامَى ظُلْماً ( النساء ١٠ ) ذهب من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه فاشتد ذلك على اليتامى فذكروا ذلك لرسول الله ( ﷺ ) فأنزل الله تعالى شرابه فِى الدُّنْيَا وَالاْخِرَة ِ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ فخلطوا عند ذلك طعامهم بطعامهم وشرابهم بشرابهم قال المفسرون الصحيح أنها نزلت في رجل من غطفان كان معه مال كثير لابن أخ له يتيم فلما بلغ طلب المال فمنعه عمه فتراجعا إلى النبي ( ﷺ ) فنزلت هذه الآية فلما سمعها العم قال أطعنا الله وأطعنا الرسول نعوذ بالله من الحوب الكبير ودفع ماله اليه فقال النبي ( ﷺ ) ( ومن يوق شح نفسه ويطع ربه هكذا فانه يحل داره ) أي جنته فلما قبض الصبي ماله أنفقه في سبيل الله فقال النبي ( ﷺ ) ( ثبت الأجر وبقي الوزر ) فقالوا يا رسول الله لقد عرفنا أنه ثبت الأجر فكيف بقي الوزر وهو ينفق في سبيل الله فقال ثبت أجر الغلام وبقي الوزر على والده


الصفحة التالية
Icon