المسألة الثامنة دلت هذه الآية على أمور منها ان المهر لها ولا حق للولي فيه ومنها جواز هبتها المهر للزوج وجواز أن يأخذه الزوج لأن قوله فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً يدل على المعنيين ومنها جواز هبتها المهر قبل القبض لأن الله تعالى لم يفرق بين الحالتين
وههنا بحث وهو أن قوله فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً يتناول ما إذ كان المهر عينا أما إذا كان دينا فالآية غير متناولة له فانه لا يقال لما في الذمة كله هنيئاً مريئاً
قلنا المراد بقوله فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً ليس نفس الأكل بل المراد منه حل التصرفات وإنما خص الأكل بالذكر لأن معظم المقصود من المال إنما هو الأكل ونظيره قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتَامَى ظُلْماً ( النساء ١٠ ) وقال لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ
المسألة التاسعة قال بعض العلماء ان وهبت ثم طلبت بعد الهبة علم أنها لم تطب عنه نفساً وعن الشعبي أن امرأة جاءت مع زوجها شريحا في عطية أعطتها إياه وهي تطلب الرجوع فقال شريح رد عليها فقال الرجل أليس قد قال الله تعالى فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَى ْء فقال لو طابت نفسها عنه لما رجعت فيه وروي عنه أيضا أقيلها فيما وهبت ولا أقيله لأنهن يخدعن وحكي أن رجلا من آل أبي معيط أعطته امرأته ألف دينار صداقا كان لها عليه فلبث شهرا ثم طلقها فخاصمته إلى عبد الملك بن مروان فقال الرجل أعطتني طيبة به نفسها فقال عبد الملك فان الآية التي بعدها فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً اردد عليها وعن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه كتب إلى قضاته ان النساء يعطين رغبة ورهبة فايما امرأة أعطته ثم أرادت أن ترجع فذلك لها والله أعلم
وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَآءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِى جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً
واعلم أن هذا هو النوع الثالث من الأحكام المذكورة في هذه السورة
واعلم أن تعلق هذه الآية بما قبلها هو كأنه تعالى يقول إني وإن كنت أمرتكم بايتاء اليتامى أموالهم وبدفع صدقات النساء اليهن فانما قلت ذلك إذا كانوا عاقلين بالغين متمكنين من حفظ أموالهم فأما إذا كانوا غير بالغين أو غير عقلاء أو ان كانوا بالغين عقلاء إلا أنهم كانوا سفهاء مسرفين فلا تدفعوا اليهم أموالهم وأمسكوها لأجلهم إلى أن يزول عنهم السفه والمقصود من كل ذلك الاحتياط في حفظ أموال الضعفاء والعاجزين
وفي الآية مسائل
المسألة الأولى في الآية قولان الأول أنها خطاب الأولياء فكأنه تعالى قال أيها الأولياء لا تؤتوا


الصفحة التالية
Icon