يفيد القطع بعدم الوجود بل يبقى الاحتمال وحينئذ يخرج التمسك بهذه الآية من إفادة القطع والجزم والله أعلم
المسألة السادسة أنه تعالى ذكر وعيد مانعي الزكاة بالكي فقال يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِى نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ( التوبة ٣٥ ) وذكر وعيد آكل مال اليتيم بامتلاء البطن من النار ولا شك أن هذا الوعيد أشد والسبب فيه أن في باب الزكاة الفقير غير مالك لجزء من النصاب بل يجب على المالك أن يملكه جزأ من ماله أما ههنا اليتيم مالك لذلك المال فكان منعه من اليتيم أقبح فكان الوعيد أشد ولأن الفقير قد يكون كبيرا فيقدر على الاكتساب أما اليتيم فانه لصغره وضعفه عاجز فكان الوعيد في إتلاف ماله أشد
ثم قال تعالى وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً وفيه مسائل
المسألة الأولى قرأ ابن عامر وأبو بكر عن عاصم وَسَيَصْلَوْنَ بضم الياء أي يدخلون النار على ما لم يسم فاعله والباقون بفتح الياء قال أبو زيد يقال صلى الرجل النار يصلاها صلى وصلاء وهو صالي النار وقوم صالون وصلاء قال تعالى إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ ( الصافات ١٦٣ ) وقال أَوْلَى بِهَا صِلِيّاً ( مريم ٧٠ ) وقال جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا ( إبراهيم ٢٩ ص ٥٦ المجادلة ٨ ) قال الفراء الصلي اسم الوقود وهو الصلاء إذا كسرت مدت وإذا فتحت قصرت ومن ضم الياء فهو من قولهم أصلاه الله حر النار اصلاء قال فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً ( النساء ٣٠ ) وقال تعالى سَأُصْلِيهِ سَقَرَ ( المدثر ٢٦ ) قال صاحب ( الكشاف ) قرىء سيصلون بضم الياء وتخفيف اللام وتشديدها
المسألة الثانية السعير هو النار المستعرة يقال سعرت النار أسعرها سعراً فهي مسعورة وسعير والسعير معدول عن مسعورة كما عدل كف خضيب عن مخضوبة وإنما قال وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً لأن المراد نار من النيران مبهمة لا يعرف غاية شدتها إلا الله تعالى
المسألة الثالثة روي أنه لما نزلت هذه الآية ثقل ذلك على الناس فاحترزوا عن مخالطة اليتامى بالكلية فصعب الأمر على اليتامى فنزل قوله تعالى وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ ( البقرة ٢٢٠ ) ومن الجهال من قال صارت هذه الآية منسوخة بتلك وهو بعيد لأن هذه الآية في المنع من الظلم وهذا لا يصير منسوخا بل المقصود أن مخالطة أموال اليتامى إن كان على سبيل الظلم فهو من أعظم أبواب الاثم كما في هذه الآية وإن كان على سبيل التربية والاحسان فهو من أعظم أبواب البر كما في قوله وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ والله أعلم
يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِى أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الاٍّ نْثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَآءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَة ً فَلَهَا النِّصْفُ وَلاًّبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُنْ لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلاٌّ مِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَة ٌ فَلاٌّ مِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّة ٍ يُوصِى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ ءَابَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَة ً مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً


الصفحة التالية
Icon