المسألة السادسة لا شك أن اسم الولد واقع على ولد الصلب على سبيل الحقيقة ولا شك أنه مستعمل في ولد الابن قال تعالى تَتَّقُونَ وَإِذْ أَخَذَ ( الأعراف ٢٦ ) وقال للذين كانوا في زمان الرسول عليه الصلاة والسلام مَعِى َ بَنِى إِسْراءيلَ ( البقرة ٤٠ ) الا أن البحث في أن لفظ الولد يقع على ولد الابن مجازاً أو حقيقة
فان قلنا إنه مجاز فنقول ثبت في أصول الفقه أن اللفظ الواحد لا يجوز أن يستعمل دفعة واحدة في حقيقته وفي مجازه معا فحينئذ يمتنع أن يريد الله بقوله يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِى أَوْلَادِكُمْ ولد الصلب وولد الابن معا
واعلم أن الطريق في دفع هذا الاشكال أن يقال انا لا نستفيد حكم ولد الابن من هذه الآية بل من السنة ومن القياس وأما ان أردنا أن نستفيده من هذه الآية فنقول الولد وولد الابن ما صارا مرادين من هذه الآية معا وذلك لأن أولاد الابن لا يستحقون الميراث إلا في إحدى حالتين إما عند عدم ولد الصلب رأسا وإما عند ما لا يأخذ ولد الصلب كل الميراث فحينئذ يقتسمون الباقي وأما أن يستحق ولد الابن مع ولد الصلب على وجه الشركة بينهم كما يستحقه أولاد الصلب بعضهم مع بعض فليس الأمر كذلك وعلى هذا لا يلزم من دلالة هذه الآية على الولد وعلى ولد الابن أن يكون قد أريد باللفظ الواحد حقيقته ومجازه معا لأنه حين أريد به ولد الصلب ما أريد به ولد الابن وحين أريد به ولد الابن ما أريد به ولد الصلب فالحاصل ان هذه الآية تارة تكون خطابا مع ولد الصلب وأخرى مع ولد الابن وفي كل واحدة من هاتين الحالتين يكون المراد به شيئا واحداً أما إذا قلنا ان وقوع اسم الولد على ولد الصلب وعلى ولد الابن يكون حقيقة فان جعلنا اللفظ مشتركا بينهما عاد الاشكال لأنه ثبت أنه لا يجوز استعمال اللفظ المشترك لافادة معنييه معا بل الواجب أن يجعله متواطئا فيهما كالحيوان بالنسبة إلى الانسان والفرس والذي يدل على صحة ذلك قوله تعالى وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ ( النساء ٢٣ ) وأجمعوا أنه يدخل فيه ابن الصلب وأولاد الابن فعلمنا أن لفظ الابن متواطىء بالنسبة إلى ولد الصلب وولد الابن وعلى هذا التقدير يزول الاشكال
واعلم أن هذا البحث الذي ذكرناه في أن الابن هل يتناول أولاد الابن قائم في أن لفظ الأب والأم هل يتناول الاجداد والجدات ولا شك أن ذلك واقع بدليل قوله تعالى نَعْبُدُ إِلَاهَكَ وَإِلَاهَ آبَائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ( البقرة ١٣٣ ) والأظهر أنه ليس على سبيل الحقيقة فان الصحابة اتفقوا على أنه ليس للجد حكم مذكور في القرآن ولو كان اسم الأب يتناول الجد على سبيل الحقيقة لما صح ذلك والله أعلم
المسألة السابعة اعلم أن عموم قوله تعالى يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِى أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِ الاْنْثَيَيْنِ زعموا أنه مخصوص في صور أربعة أحدها أن الحر والعبد لا يتوارثان وثانيها أن القاتل على سبيل العمد لا يرث وثالثها أنه لا يتوارث أهل ملتين وهذا خبر تلقته الأمة بالقبول وبلغ حد المستفيض ويتفرع عليه فرعان
الفرع الأول اتفقوا على أن الكافر لا يرث من المسلم أما المسلم فهل يرث من الكافر ذهب الأكثرون إلى أنه أيضاً لا يرث وقال بعضهم إنه يرث قال الشعبي قضى معاوية بذلك وكتب به إلى زياد فأرسل ذلك زياد إلى شريح القاضي وأمره به وكان شريح قبل ذلك يقضي بعدم التوريث فلما أمره زياد


الصفحة التالية
Icon