وكذلك الأمر في بناء الجملة: أيُّ تغيير يطرأُ على أيِّ وحدةٍ منها (الكلمة) إنما يؤثِّرُ في دلالة الجملة، وقدرتها الدلالية، تأثيرًا جليا أو خفيا، وفق قدرات المتلقين.
والأمر كمثله في الوحدات المكونة بناء الآية، والمعقد والسورة، فإن ما يؤثر في الصغير، يؤثر في ما كان أكبر منه
وفي كل وحدة تشكلت من وحدات أصغر روحٌ يهيمن عليها، هذا الروحُ ينبثقُ من علائقِ المكونات ببعضها، وفي امتلاك المتلقى الوعى بهذا الروح المهيمن ما يعينه على إتقان الفهم وإحسان التدبر
من هنا يذهب " البقاعي " إلى أنَّ في كلّ سورةٍ روحًا مهيمنا على بيانها، يسمى هذا الروح: (المقصود الأعظم)
يقول: " إنَّ كلَّ سورةٍ لها مقصدٌ واحد يُدار عليه أولها وآخرها، ويستدلُّ عليه فيها " (١)
وهذا المقصود الكلى الأعظم تُفيدُ معرِفَتُه معرفة المقصود من جميع أجزاء السورة (٢) فالعلم بـ " التناسب القرآنيِّ "عنده" تتوقف الإجادة فيه على معرفة مقصود السورة المطلوب ذلك فيها (٣)
" ولأجلِ اختلاف مقاصد السور تتغير نظوم القصص وألفاظها بحسب الأسلوب المفيد للدلالة على ذلك المقصِدِ (٤)
ويقول أيضًا: " وبه يتبين لك أسرار القصص المكررات، وأنَّ كلَّ سورة أعيدت فيها قصة، فلمعنى ادعُي في تلك السورة استدلَّ عليه بتلك القصَّةِ غير المعنى الذي سيقت له في السورة السابقة، ومن هنا اختلفت الألفاظ بحسب تلك الأغراض، وتغيرت النظوم بالتأخير والتقديم والإيجاز والتطويل مع أنها لايُخالف شيءٌ مِنْ ذلكَ أصل المعنى الذي تكونت به القصَّةُ " (٥)
ويقول: " ومَنْ حَقَّقَ المقصودَ مِنْها عرفَ تناسبَ آيِها وقصصها وجميع أجزائها " (٦)
(٢) - نظم الدرر: ج١ ص ١٤٢
(٣) - مصاعد النظر: ج١ص ١٤٢
(٤) - السابق: ج١ ص ١٥٢
(٥) – نظم الدرر: ج ١ ص ١٤
(٦) - السابق: ج١ص ١٤٩