بهذا يبين لنا الحقُّ جلَّ جلالُه أن القرآن الكريم مقصوده الأعظم دلالة العباد على الصراط المستقيم إلى معرفة ربهم وخالقهم وما يرضاه منهم، فيأخذوا به، وما لا يرضاه منهم، فيجتنبوا
المهم أنَّ في تبيان هذا المقصود وتحقيقه وتحريره وتعيينه معيارًا لكلَّ من سعى إلى تاويل كلمة أو جملة أو آية أو معقد أو سورة من القرآن الكريم: أن يكون في تأويله هذا ما يتجلى فيه منهاج القرآن الكريم في الهداية إلى الصراط المستقيم، وكلُّ تأويلٍ لايتحققُ به ذاك فليس من الاجتهاد في استنباط المعنى القرآنّي الكريم استباطًا علميًّا محررًا من شوائب الغفلة والزيف والضلالة والتدليس
وإذا ماكان للقرآن المجيد مقصودٌ أعظم تتناسل المعاني منه فإنَّ الله - عز وجل - من فيض رحيميته قد جعل القرآن العظيم سورًا تتفاوت في عدد آياتها وطولها، وجعل كلّ سورة من آيات وجعل الآيات جملا، فهو - جل جلاله - أحكمه ثُمّ فصَّله، وذلك وجه من وجوه المعنى القرآني في قوله - سبحانه وتعالى - في مستفتح تلاوة سورة " هود":
﴿الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آياتُه ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ (هود: ١)
ومن ثَمَّ فإنَّا نرى البيان القرآنيّ قد فصِّلَ إلى سور، والسورإلى معاقد (فصول) والمعاقد إلى آيات والآيات - غالبًا- إلى جمل.
والعلائق فيما بين هذه علائق تناسب وتناسل بكلّ ما تحمله هاتان الكلمتان: تناسب وتناسل من دقيق المعنى وجليله