الجنس البشري في عالم الخلق مكونا من قبائل وشعوب، وكانت القبيلة مكونة من بطون والبطون من أسر والأسر من أفراد وكان الفرد مكونا من أعضاء متلاحمة، وهذا ماأراد الله - سبحانه وتعالى - بالجنس البشري قدرًا أن يكونوا عليه في تناسبهم وتناسلهم، وإن كان كثير منهم في حركة سلوكهم على غير ما أراد الله تعالى منهم تلكيفا، فنَظرُنا إلى ماأراد الله - سبحانه وتعالى - بهم: (قدره) إذ هم جميعًا عبيده لا ما أراد منهم (تكليفه) إذ قليل منهم عباده: كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى، إذا ما كان هذا فهل لنا أن نقول تقريبًا لا تصويرًا:
إن السورة في البيان القرآني كالقبلية، وكلّ سورة مكونة من معاقد هي كالبطون للقبيلة، وكل معقد مكون من آيات هو كالأسر للبطن، وكلّ آية من جمل هي كالأفراد للأسرة، وكل جملة من كلمات هي كالأعضاء بالنسبة للفرد في بناء جسده:
منزل الكلمة من الجملة منزل العضو من الفرد
ومنزل الجملة من الآية منزل الفرد من الأسرة
ومنزل الآية من المعقد منزل الأسرة من البطن
ومنزل المعقد من السورة منزل البطن من القبيلة
ومنزل السورة من القرآن منزل القبيلة من الجنس البشري
هذا من عالم الخلق، والقرآن الكريم من عالم الأمر
﴿أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ (لأعراف: من الآية٥٤)
للجنس البشري أب يتناسل منه وينتسب إليه وللبيان القرآني الكريم مقصود أعظم تتناسل منه المعاني القرآنية وتنتسب إليه.
إنْ هو إلا تقريب لا تصوير، إذ كيف يصور ما هو من عالم الأمر بمامن عالم الخلق؟
المقصود الأعظم للقرآن العظيم هو الذي على أساسه القويم كانت
سنة اختيار الكلمة في نظم الجملة
وسنة نظم الجملة من الكلمات المختارة
وسنة نظم الآية من هذه الجملة
وسنة نظم المَعْقد من هذه الآيات
وسنة نظم السورة من هذه المعاقد