" مقصودها: الاستدلال على ما دعا إليه الكتاب في السورة الماضية من التوحيد بأنّه الحاوي لجميع الكمالات من الإيجاد والإعدام والقدرة على البعث وغيره "
ويقول أيضًا من بعد تأويله مطلع السورة:...
" فقد لاح أنّ مقصد السورة الاستدلال على ما دعا إليه الكتاب الذي تبين أنه الهدى من توحيد الله - سبحانه وتعالى -، والاجتماع عليه والوفاء بعهوده بأنه - سبحانه وتعالى - وحده الخالق الحائزلجميع الكمالات من القدرة على البعث وغيره " (١)
فهو بهذا يريك قيام مقصود" النساء"و" آل عمران"و" البقرة" في مقصود" المائدة " وقيام مقصود تلك السورة كلها في مقصود سورة " الأنعام ".
وأنت إذ تنظر في مقال البقاعي في صدر سورة " الأعراف " تراه يبين مقصودها بما يقرر بناءه على ماقررته مقاصد السور السابقة عليها بدأً من سورة " البقرة " وما قامت عليه من دعوة الكتاب المستفتح بيانها بالإشارة إلى عظيم قَدْرِهِ: ﴿ذلك الكتَابُ لارَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾
وما قامت عليه سورة " آل عمران " من تقرير معنى التوحيد وما قامت عليه سورة " النساء " من تقرير الدعاء إلى الاجتماع على الخير وما قامت عليه سورة " المائدة " من الدعوة إلى الوفاء بالعقود، وما قامت عليه سورة " الأنعام " من التدليل على ماسبق قيام السور السابقة عليها (٢)
وهكذا تتناسل مقاصد السور بعضها من بعضٍ تناسلا يقوم بأمرين جليلين: الأول: تأسيس معنى لم يكن مؤسسا في التي قبلها. والآخر: تأكيد ما سبق تأسيسه
وفي كل تأكيد تأسيسُ من وجه آخر، ولايكون التأكيد بالتكرير بل بالتصريف البياني في تصوير المعاني ذلك أن القرآن الكريم لا يقوم على منهاج التكرير العقيم المنتجه إعادة البيانِ مكوِّنًا ومكنُونًا ذلك أنَّه لايتأتى البتة تكرّر عنصرٍ مهِمّ من عناصر البيان هو ذو أثر جليل في تصوير المعنى.
(٢) - السابق: ج ٧ ص: ٣٤٧