﴿وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إلاّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾ (الأنعام: ١٤٦) (١)
واستمر - سبحانه وتعالى - في هتك أستارهم وبيان عَوارِهم إلى أنْ ختمَ بآية في الإرث الذي افتتح آياته بالإيصاء وختمها بأنّه شامل العلم ناسب افتتاح هذه بأمر المؤمنين الذين اشتد تحذيره لهم منهم بالوفاء الذي جلّ مبناه القلب الذي هو غيب، فقال مشيرًا إلى أنّ النّاسَ الذين خوطبوا أول تلك تأهلوا لأول أسنان الإيمان (٢) ووصفوا بما هم محتاجون إليه، وتخصيصهم مشيرا إلى أنَّ من فوقهم من الأسنان (٣) عندهم من الرسوخ ما يغنيهم عن الحمل بالأمر، وذلك أبعثُ له على التدبّر والامتثال (يأيُّها الذين آمنوا) (المائدة: ١) أي ادّعوا ذلك بألسنتهم (أوفوا) أي صدقوا ذلك بأن توفوا (بالعقود) (٤)
هذا نظرٌ إلى رأس المعنى في سورة "النساء" وكيف أنه كالمهاد لما هو أصل المعنى في سورة "المائدة" ففي سورة "النساء " تمهيد بمخاطبة من كانوا في الدرجة التي لم يتأهلوا فيها بالنداء عليهم بـ" يأيها الذين آمنوا "، كما كان افتتاح " المائدة " بل كان النداء عليهم بـ "يايها الناس "، وهذا أدنى درجات الخطاب، وأعمها.
(٢) - يقصد: الذين آمنوا، فهم أدني أسنان الطاعة والقرب ٠
(٣) - يقصد: المؤمنين والمتقين والمحسنين فهذه أسنان أعلى من سن الذين آمنوا٠
(٤) -نظم الدرر: ج٦ ص ٢