وأنت إذ تنظر إلى النداء في سورة " النساء " تجد أنها استفتحت بـ " يأيها الناس " (ي: ١)، وختمت بذلك (ي: ١٧٠، ١٧٤) وجاء في ثبجها (ي: ١٣٣) وكان النداء بـ " يأيهاالذين آمنوا " فيها مكنوفًا بهذا
ولم يزد على عشرمرات على الرغم من طول سورة "النساء" وسورة "المائدة " لم يأت فيها النداء بـ" يأيها الناس" قط، بل كان النداء بـ " يأيها الذين آمنوا " ست عشرة مرة على الرغم من أنَّها أقلّ عدد آيات وكلمات من سورة "النساء"
ويقول في مناسبة أوّل" الأنفال" لآخر"الأعراف":...
" وأمَّامناسبة أولها لآخرتلك فقد تبين أنّ آخر"الأعراف" آخرقصة موسى - عليه السلام - المختتمة بقصة " بلعام " وأنّ مابعد ذلك إنماهو تتمات لماتقدم لابد منها وتتمات للتتمات حتى كان آخر ذلك مدح من أهلهم لعنديته - سبحانه وتعالى - بإذعان وتمام الخضوع، فلمَّا أضيفوا إلى تلك الحضرة العالية اقتضى ذلك سؤالا عن حال الذين عند المخاطب صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا فأجيبَ بقوله تعالى (يسألونك) أي الَّذين عند ربك هم الذين هزموا الكفار في الحقيقة كما علمتم ذلك... فهم المستحقون للأنفال، وليس لهم إليها التفات، وإنّما همهم العبادة والذين عندك إنّما جعلتهم آلة ظاهرة، ومع ذلك، فهم يٍسألون (عن ألأنفال) التي توليتهم إيّاها بأيدي جنودي سؤال منازعة ينبغي الاستعاذة بالله منها - كما نبَّه عليه آخر الأعراف - لأنّ ذلك يُفضِي إلى افتراق الكلمة والضعف عن مقاومة الأعداء " (١)
أنت تراه لا يقف في الربط عند الآية الأخيرة من السورة السابقة بل ينظرإلى المقطع الخاتم، فليس الاعتداد بآخر جملة من السورة بل بالجملة التي هي أم الختم وإن جاء من بعدها جمل عديدة.

(١) - نظم الدرر: ٨ /٢١٧


الصفحة التالية
Icon